تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٨٠
والدهاقين وعسكروا بالولجة وسار إليهم خالد فقاتلهم وصبروا ثم جاءهم كمين من خلفهم فانهزموا ومات الاندر زغر عطشا وبذل خالد الأمان للفلاحين فصاروا ذمة وسبى ذراري المقاتلة ومن أعانهم وأصاب اثنين من نصارى بنى وائل أحدهما جابر بن بجير والآخر ابن عبد الأسود من عجل فأسرهما وغضب بكر وائل لذلك فاجتمعوا على الليس وعليهم عبد الأسود العجلي فكتب أردشير إلى بهمن حاذويه وقد أقام بعد الهزيمة كتابا يأمره بالمسير إلى نصارى العرب بالليس فيكون معهم إلى أن يقدم عليهم جابان من المرازبة فقدم بهمن على أردشير ليشاوره وخالفه جابان إلى نصارى العرب من عجل وتيم اللات وضبيعة وعرب الضاحية من الحيرة وهم مجتمعون على الليس وسار إليهم خالد حين بلغه خبرهم ولا مشعر لهم بجابان فلما حط الاثقال سار إليهم وطلب المبارزة فبرز إليه مالك بن قيس فقتله خالد واشتد القتال بينهم وسائر المشركين ينتظرون قدوم بهمن ثم انهزموا واستأسر الكثير منهم وقتلهم خالد حتى سال النهر بالدم وسمى نهر الدم ووقف على طعام الأعاجم وكانوا قعودا للأكل فنفله المسلمين وجعل العرب يتساءلون عن الرقاق يحسبونه رقاعا وبلغ عدد القتلى سبعين ألفا ولما فرغ من الليس سار إلى أمعيشيا فغزا أهلها وأعجلهم أن ينقلوا أموالهم فغنم جميع ما فيها وخربها * (فتح الحيرة) * ثم سافر خالد إلى الحيرة وحمل الرجال والأثقال في السفن وخرج ابن زيان من الحيرة ومعه الازادية فعسكر عند الغريين وأرسل ابنه ليقاطع الماء عن السفن فوقفت على الأرض وسار إليه خالد فلقيه على فرات باذقلا فقتله وجميع من معه وسار نحو أبيه على الحيرة فهرب بغير قتال لما كان بلغه من موت أردشير كسرى وقتل ابنه ونزل خالد منزله بالغريين وحاصر قصور الحيرة وافتتح الديور وصاح القسيسون والرهبان بأهل القصور فرجعوا على الا باية وخرج ابن قبيصة من القصر الأبيض وعمرو بن عبد المسيح بن قيس ابن حيان بن بقيلة وكان معمرا وسأله خالد عن عجيبة قد رآها فقال رأيت القرى ما بين دمشق والحيرة تسافر بينهما المرأة فلا تتزود الا رغيفا واحدا ثم جاءه واستقرب منه ورآى مع خادمه كيسا فيه سم فأخذه خالد ونثره في يده وقال ما هذا قال خشيت أن تكونوا على غير ما وجدت فيكون الموت أحب إلى من مكروه أدخله على قومي فقال له خالد لن تموت نفس حتى تأتي على أجلها ثم قال باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ وابتلع السم فوعك ساعة ثم قام كأنما نشط من عقال فقال عبد المسيح لتبلغن ما أردتم ما دام أحد منكم هكذا ثم صالحهم على مائة أو مائتين وتسعين ألفا وعلى كرامة 3 بنت عبد المسيح لشريك كان النبي صلى الله عليه وسلم عرف بها إذا فتحت الحيرة فأخذها
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»