تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٧٩
أن يبدأ بالأبلة ويدخل من أسفل العراق وكتب إلى عياض بن غنم أن يبدأ بالمضيخ ويدخل من أعلى العراق وأمر خالدا بالقعقاع بن عمرو التميمي وعياض بن عوف الحمى وقد كان المثنى بن حارثة الشيباني استأذن أبا بكر في غزو العراق فأذن له فكان يغزوهم قبل قدوم خالد فكتب أبو بكر إليه والى حرملة ومدعور وسلمان أن يلحقوا بخالد بالأبلة وكانوا في ثمانية آلاف فارس ومع خالد عشرة آلاف فسار خالد في أول مقدمته المثنى وبعده عدى بن حاتم وجاء هو بعدهما على مسيرة يوم بين كل عسكر وواعدهما الحفير ليجتمعوا به ويصادموا عدوهم وكان صاحب ذلك الفرج من أساورة الفرس اسمه هرمز وكان يحارب العرب في البر والهند في البحر فكتب إلى أردشير كسرى بالخبر وتعجل هو إلى الكواظم في سرعان أصحابه حتى نزل الحفير وجعل على مجنبتيه قباذ وأنوشجان يناسبانه في أردشير الأكبر واقترنوا بالسلاسل لئلا يفروا وأروا خالدا أنهم سبقوا إلى الحفير فمال إلى كاظمة فسبقه هرمز إليها أيضا وكان للعرب على هرمز حنق لسوء مجاورته وقدم خالد فنزل قبالتهم على غير ماء وقال جالدوهم على الماء فان الله جاعله لأصبر الفريقين ثم أرسل الله سحابة فأغدرت من ورائهم ولما حطوا أثقالهم قدم خالد ودعا إلى النزال فبرز إليه هرمز وترجلا ثم اختلفا ضربتين فاحتضنه خالد وحمل أصحاب هرمز للغدر به فلم يشغله ذلك عن قتله وحمل القعقاع ابن عمرو فقتلهم وانهزم أهل فارس وركبهم المسلمون وسميت الواقعة ذات السلاسل وأخذ خالد سلب هرمز وكانت قلنسوته بمائة ألف وبعث بالفتح والأخماس إلى أبي بكر وسار فنزل بمكان البصرة وبعث المثنى بن حارثة في آثار العدو فحاصر حصن المرأة وفتحه وأسلمت فتزوجها وبعث معقل بن مقرن إلى الأبلة ففتحها عتبة بن غزوان أيام عمر سنة أربع عشرة ولم يتعرض خالد وأصحابه إلى الفلاحين وتركهم وعمارة البلاد كما أمرهم أبو بكر وكان كسرى أردشير لما جاءه كتاب هرمز بمسير خالد أمره بقارن بن فريانس فسار إلى المدار ولما انتهى إلى المدار لقيه المنهزمون من هرمز ومعهم قباذ وأنوشجان فتذامروا ورجعوا ونزلوا النهر وسار إليهم خالد واقتتلوا وبرزقان فقتله معقل بن الأعشى بن النباش وقتل عاصم أنوشجان وقتل عدى قباذ وانهزمت الفرس وقتل منهم نحو ثلاثين ألفا سوى من غرق ومنعت المياه المسلمين من طلبهم وكانت الغنيمة عظيمة وأخذ الجزية من الفلاحين وصاروا في ذمة ولم يقاتل المسلمين من الفرس بعد قارن أعظم منه وتسمى هذه الوقعة بالثنى وهو النهر ولما جاء الخبر إلى أردشير بالهزيمة بعد الاندر زغر وكان فارسا من مولدي السواد فأرسل في اثره عسكرا مع بهمن حاذويه وحشد الاندر زغر ما بين الحيرة وكسكر من عرب الضاحية
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»