تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٦
إلى الحجر تنازعوا أيهم يضعه وتداعوا للقتال وتحالف بنو عبد الدار على الموت ثم اجتمعوا وتشاوروا وقال أبو أمية حكموا أول داخل من باب المسجد فتراضوا على ذلك ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا هذا الأمين وبذلك كانوا يسمونه فتراضوا به وحكموه فبسط ثوبا ووضع فيه الحجر وأعطى قريشا أطراف الثوب فرفعوه حتى أدنوه من مكانه ووضعه عليه السلام بيده وكانوا أربعة عتبة بن ربيعة بن عبد شمس والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى وأبو حذيفة بن المغيرة بن عمر بن مخزوم وقيس بن عدى السهمي ثم استمر على أكمل الزكاء والطهارة في أخلاقه وكان يعرف بالأمين وظهرت كرامة الله فيه وكان إذا أبعد في الخلاء لا يمر بحجر ولا شجر الا ويسلم عليه * (بدء الوحي) * ثم بدئ بالرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح ثم تحدث الناس بشأن ظهوره ونبوته ثم حببت إليه العبادة والخلوة بها فكان يتزود للانفراد حتى جاء الوحي بحراء لأربعين سنة من مولده وقيل لثلاث وأربعين وهي حالة يغيب فيها عن جلسائه وهو كائن معهم فأحيانا يتمثل له الملك رجلا فيكلمه ويعي قوله وأحيانا يلقى عليه القول ويصيبه أحوال الغيبة عن الحاضرين من الغط والعرق وتصببه كما ورد في الصحيح من أخباره قال وهو أشد على فيفصم عنى وقد وعيت ما قال وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول فأصابته تلك الحالة بغار حرا وألقى عليه اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم وأخبر بذلك كما وقع في الصحيح وآمنت به خديجة وصدقته وحفظت عليه الشأن ثم خوطب بالصلاة وأراه جبريل طهرها ثم صلى به وأراه سائر أفعالها ثم كان شأن الاسراء من مكة إلى بيت المقدس من الأرض إلى السماء السابعة والى سدرة المنتهى وأوحى إليه ما أوحى ثم آمن به على ابن عمه بنت أبي طالب وكان في كفالته من أزمة أصابت قريشا وكفل العباس جعفرا أخاه فجعفر أسن عيال بنت أبي طالب فأدركه الاسلام وهو في كفالته فآمن وكان يصلى معه في الشعاب مختفيا من أبيه حتى إذا ظهر عليهما أبو طالب دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا أستطيع فراق ديني ودين آبائي ولكن لا ينهض إليك شئ تكره ما بقيت وقال لعلى ألزمه فإنه لا يدعو الا لخير فكان أول من أسلم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى ثم أبو بكر وعلي بن أبي طالب كما ذكرنا وزيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال بن حمامة مولى بنت أبي بكر ثم عمر بن عنبسة السلمي وخالد بن سعيد بن العاصي بن أمية ثم أسلم بعد ذلك قوم من قريش اختارهم الله لصحابته من سائر قومهم وشهد
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»