تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٢
بسم الله الرحمن الرحيم [أمر النبوة والهجرة في هذه الطبقة الثالثة وما كان من اجتماع العرب على الاسلام بعد الا باية والحرب] لما استقر أمر قريش بمكة على ما استقر وافترقت قبائل مضر في أدنى مدن الشام والعراق وما دونهما من الحجاز فكانوا ظعونا واحياء وكان جميعهم بمسغبة وفى جهد من العيش بحرب بلادهم وحرب فارس والروم على تلول العراق والشام وأربابهما ينزلون حاميتهم بثغورها ويجهزون كتائبهم بتخومها ويولون على العرب من رجالاتهم وبيوت العصائب منهم من يسومهم القهر ويحملهم على الانقياد حتى يؤتوا جباية السلطان الأعظم وإتاوة ملك العرب ويؤدوا ما عليهم من الدماء والطوائل من يسترهن أبناءهم على السلم وكف العادية ومن انتجاع الأرباب وميرة الأقوات والعساكر من وراء ذلك توقع بمن منع الخراج وتستأصل من يروم الفساد وكان أمر مضر راجعا في ذلك إلى ملوك كندة بنى حجر آكل المرار منذ ولاه عليهم تبع حسان كما ذكرناه ولم يكن في العرب ملك الا في آل المنذر بالحيرة للفرس وفى آل جهينة بالشأم للروم وفى بنى حجر هؤلاء على مضر والحجاز وكانت قبائل مضر مع ذلك بل وسائر العرب أهل بغى والحاد وقطع للأرحام وتنافس في الردى واعراض عن ذكر الله فكانت عبادتهم الأوثان والحجارة وأكلهم العقارب والخنافس والحيات
(٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»