تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١١٧
أصابه سهم فسجاه أخوه نعيم بثوب وتناول الراية حذيفة بعهده وتواصوا بكتمان موته وذهب الأعاجم ليلا وعميت عليهم المذاهب وعقرهم حسك الحديد ووقعوا في اللهب الذي أعدوه في عسكرهم فمات منهم أكثر من مائة ألف منها نحو ثلاثين ألفا في المعركة وهرب القيرزان بعد أن صرع إلى همذان واتبعه نعيم بن مقرن فأدركه بالثنية دونها وقد سدتها الأحمال وترجل وصعد في الجبل وكان نعيم قد قدم القعقاع أمامه فاعترضه وقتله المسلمون على الثنية ودخل الفل همذان وبها خسر شنوم فنزل المسلمون عليها مع نعيم والقعقاع ودخل المسلمون نهاوند يوم الوقعة وغنموا ما فيها وجمعوه إلى صاحب الاقباض السائب بن الأقرع وولى على الجند حذيفة بعهد النعمان إليه ثم جاء الهربذ صاحب بيت النار إلى حذيفة فأمنه وأخرج له سفطين مملو أين جوهرا نفيسا كانا من ذخائر كسرى أودعهما عنده البخرجان فنقلهما المسلمون وبعث الخمس مع السائب إلى عمر وأخبره بالواقعة وبالفتح وبمن استشهد فبكى وبالسفطين فقال ضعهما في بيت المال والحق بجندك قال السائب ثم لحقني رسوله بالكوفة فردني إليه فلما رآني قال مالي وللسائب ما هو إلا أن نمت الليلة التي خرجت فيها فباتت الملائكة تسحبني إلى السفطين يشتعلان نارا يتوعدوني بالكي إن لم أقسمهما فخذهما عنى وبعهما في أرزاق المسلمين فبعتهما بالكوفة من عمرو بن حريث المخزومي بألفي ألف درهم وباعهما عمرو بأرض الأعاجم بضعفهما فكان له بالكوفة مال وكان سهم الفارس بنهاوند ستة آلاف والراجل ألفين ولم يكن للفرس من بعدها اجتماع وكان أبو لؤلؤة قاتل عمر من أهل نهاوند حصل في أسر الروم وأسره الفرس منهم فكان إذا لقى سبى نهاوند بالمدينة يبكى ويقول أكل عمر كبدي وكان أبو موسى الأشعري قد حضر نهاوند على أهل البصرة فلما انصرف مر بالدينور فحاصرها خمسة أيام ثم صالحوه على الجزية وسار إلى أهل شيروان فصالحوه كذلك وبعث السائب بن الأقرع إلى الصيمرة ففتحها صلحا ولما اشتد الحصار بأهل همذان بعث خسر شنوم إلى نعيم والقعقاع في الصلح على قبول الجزية فأجابوه إلى ذلك ثم اقتدى أهل الماهين وهم الملوك الذين جاؤوا لنصرة يزدجرد وأهل همذان وبعثوا إلى حذيفة فصالحوه وأمر عمر بالانسياح في بلاد الأعاجم وعزل عبد الله بن عبد الله ابن عتبان عن الكوفة وبعثه في وجه آخر وولى مكانه ابن حنظلة حليف بنى عبد قصي واستعفى فأعفاه وولى عمار بن ياسر واستدعى ابن مسعود من حمص فبعثه معه معلما لأهل الكوفة وأمدهم بأبي موسى وأمد أهل البصرة مكانه بعبد الله بن عبد الله ثم بعثه إلى اصبهان مكان حذيفة وولى على البصرة عمرو بن سراقة ثم انتقض أهل همذان فبعث إلى نعيم بن مقرن فحاصرهم وصار بعد فتحها إلى خراسان وبعث عتبة بن فرقد وبكر
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»