تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٢٤
فهزموهم وأثخنوا فيهم بالقتل واتبعوهم أياما حتى انتهوا إلى النهر ورجعوا إلى مكران فأقاموا بها وبعثوا إلى عمر بالفتح والأخماس مع صحار العبدي وسأله عمر عن البلاد فأثنى عليها شرا فقال والله لا يغزوها جيش لي أبدا وكتب إلى سهيل والحكم أن لا يجوز مكران أحد من جنودكما * (خبر الأكراد) * كان امر أمراء الانسياح لما فصلوا إلى النواحي اجتمع ببيروذ بين نهر تيرى ومنادر من أهل الأهواز جموع من الأعاجم أعظمهم الأكراد وكان عمر قد عهد إلى أبي موسى أن يسير إلى أقصى تخوم البصرة ردءا للأمراء المنساحين فجاء إلى بيروذ وقاتل تلك الجموع قتالا شديدا وقاتل المهاجر بن زياد حتى قتل ثم وهن الله المشركين فتحصنوا منه في قلة وذلة فاستخلف أبو موسى عليهم أخاه الربيع بن زياد وسار إلى اصبهان مع المسلمين الذين يحاصرونها حتى إذا فتحت رجع إلى البصرة وفتح الربيع بن زياد بيروذ وغنم ما فيها ولحق به بالبصرة وبعثوا إلى عمر بالفتح والأخماس وأراد ضبة بن محصن العنزي أن يكون في الوفد فلم يجبه أبو موسى فغضب وانطلق شاكيا إلى عمر بانتقائه ستين غلاما من أبناء الدهاقين لنفسه وأنه أجاز الحطيئة بألف وولى زياد بن أبي سفيان أمور البصرة واعتذر أبو موسى وقبله عمر وكان عمر قد اجتمع إليه جيش من المسلمين فبعث عليهم سلمة بن قيس الأشجعي ودفعهم إلى الجهاد على عادته وأوصاهم فلقوا عدوا من الأكراد المشركين فدعوهم إلى الاسلام أو الجزية فأبوا وقاتلوهم وهزموهم وقتلوا وسبوا وقسموا الغنائم ورآى سلمة جوهرا في سفط فاسترضى المسلمين وبعث به إلى عمر فسأل الرسول عن أمور الناس حتى أخبره بالسفط فغضب وأمر به فوجئ في عنقه وقال أسرع قبل أن تفترق الناس ليقسمه سلمة فيهم فباعه سلمة وقسمه في الناس وكان الفص يباع بخمسة دراهم وقيمته عشرون ألفا * (مقتل عمر وأمر الشورى وبيعة عثمان رضي الله عنه) * كان للمغيرة بن شعبة مولى من نصارى العجم اسمه أبو لؤلؤة وكان يشدد عليه في الخراج فلقى يوما عمر في السوق فشكى إليه وقال أعدني على المغيرة فإنه يثقل على في الخراج درهمين في كل يوم قال وما صناعتك قال نجار حداد نقاش فقال ليس ذلك بكثير على هذه الصنائع وقد بلغني انك تقول أصنع رحى تطحن بالريح فاصنع لي رحى قال أصنع لك رحى يتحدث الناس بها أهل المشرق والمغرب وانصرف فقال عمر توعدني العلج فلما أصبح خرج عمر إلى الصلاة واستوت الصفوف ودخل أبو لؤلؤة في الناس وبيده خنجر برأسين نصابه في وسطه فضرب عمر ست ضربات إحداها تحت سرته وقتل كليبا
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»