تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٢٦
العرب ليحملوهم على طاعة الروم فخالفهم الإسكندر بن ارستبلوس إلى المقدس وكان متغيبا بتلك النواحي منذ مغيب أبيه لم يبرح فدخل إلى المقدس وملكه اليهود عليهم وبنى ما هدمه فمقيوس من سور الهيكل واجتمع إليه خلق كثير ورجع هرقانوس وانظفتر فسار إليهم الإسكندر وهزمهم وأثخن في عساكرهم وكان قائد الروم كينانوس قد جاء إلى بلاد الأرمن من بعد فمقيوس فلحق به واستنصره على الإسكندر فسار معه إلى القدس وخرج إليهم الإسكندر فهزموه ومضى إلى حصن له يسمى الإسكندرونة واعتصم به وسار هرقانوس إلى القدس فاستولى على ملكه وسار كينانوس قائد الروم إلى الإسكندر فحاصره بحصنه واستأمن إليه فقبله وعفا عنه وأحسن إليه وفى أثناء ذلك هرب ارستبلوس أخو هرقانوس من محبسه برومية وابنه انطقنوس واجتمع إليه فحاربه كينانوس وهزمه وحصل في أسره فرده إلى محبسه برومية ولم يزل هنا لك إلى أن تغلب قيصر على رومية واستحدث الملك في الروم وخرج فمقيوس من رومية إلى نواحي عمله وجمع العساكر لمحاربة قيصر فأطلق ارستبلوس من محبسه وأطلق معه قائدين في اثنى عشر ألف مقاتل وسرحهم إلى الأرمن واليهود ليردوهم عن طاعة فمقيوس وكتب فمقيوس إلى انظفتر ببيت المقدس أن يكفيه أمر ارستبلوس فبعث قوما من اليهود لقوه في بلاد الأرمن ودسوا له سما في بعض شرابه كان فيه حتفه وقد كان كينانوس كاتب الشيخ صاحب رومية في اطلاق من بقي من ولد ارستبلوس فأطلقهم قال ابن كريون وكان أهل مصر لذلك العهد انتقضوا على ملكهم تلماى وطردوه وامتنعوا من حمل الخراج إلى الروم فسار إليهم واستنفر معه انظفتر فغلبهم وقتلهم ورد تلماى إلى ملكه واستقام أمر مصر ورجع كينانوس إلى بيت المقدس فجدد الملك لهرقانوس وقدم انظفتر مدبر المملكة وسار إلى رومية قال ابن كريون ثم غضبت الفرس على الروم فندبوا إلى ذلك قائدا منهم يسمى عرنبوس وبعثوه لحربهم فمر بالقدس ودخل إلى الهيكل وطالب الكهنون بما فيه من المال وكان يسمى العازر من صلحاء اليهود وفضلائهم فقال له ان كينانوس وفمقيوس لم يفعلوا ذلك بتلك فاشتد عليه فقال أعطيك ثلثمائة من الذهب وتتجافى عن الهيكل ودفع إليه سبيكة ذهب على صورة خشبة كانت تلقى عليها الصور التي تنزل من الهيكل الذي تجدد وكان وزنها ثلثمائة فأخذها ونقض القول وتعدى على الهيكل وأخذ جميع ما فيه من منذ عمارتها من الهدايا والغنائم وقربانات الملوك والأمم وجميع آلات القدس وسار إلى لقاء الفرس فحاربوه وهزموه وأخذوا جميع ما كان معه وقتل واستولت الفرس على بلاد الأرمن دمشق وحمص وحلب وما إليها وبلغ الخبر إلى الروم فجهزوا قائدا عظيما في عساكر جمة اسمه كسناو فدخل بلاد
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»