تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٢٦٢
وثوقا وجهزته بأكثر من الأولى ثم عاد الثالثة وحمل بغاة الجند من أصحاب عمرو في الغرائر على الجمال وعمرو فيهم وتقدم فبشرها بالعير وبكثرة ما حمل إليها من الطرف فخرجت تنظر فأنكرت ما رأته في الجمال من التكارد ثم دخلت العير المدينة فلما توسطت أنيخت وخرج الرجال وبادر عمرو إلى النفق فوقف عنده ووضع الرجال سيوفهم في أهل البلد وبادرت الزبا إلى النفق فوجدت عمرا قائما عنده فلحمها بالسيف وماتت وأصاب ما أصاب من المدينة وانكفأ راجعا (قال الطبري) وعمرو بن عدى أول من اتخذ الحيرة منزلا من ملوك العرب وأول من تجده أهل الحيرة في كتبهم من ملوك العرب بالعراق واليه ينسبون وهم ملوك آل نصر ولم يزل عمرو بن عدى ملكا حتى مات وهو ابن مائة وعشرين سنة مستبدا منفردا يغزوهم ويغنم وتفد عليه الوفود ولا يدين لملوك الطوائف ولا يدينون له حتى قدم أردشير بن بابك في أهل فارس (قال الطبري) وانما ذكرنا في هذا الموضع أمر جذيمة وابن أخته عمرو بن عدى لما قدمناه عند ذكر ملوك اليمن وأنهم لم يكن لهم ملك مستفحل وانما كانوا طوائف على المخاليف يغير كل واحد على صاحبه إذا استغفله ويرجع خوف الطلب حتى كان عمرو بن عدى فاتصل له ولعقبه الملك على من كان بنواحي العراق وبادية الحجاز بالعرب فاستعمله ملوك فارس على ذلك إلى آخر أمرهم وكان أمر آل نصر هؤلاء ومن كان من ولاة الفرس وعمالهم على العرب معروفا مثبتا عندهم في كنائسهم وأشعارهم (وقال هشام بن الكلبي) كنت أستخرج أخبار العرب وأنسابهم وأنساب آل نصر بن ربيعة ومبالغ أعمار من ولى منهم لآل كسرى وتاريخ نسبهم من كتبهم بالحيرة وأما ابن إسحاق فذكر في آل نصر ومصيرهم إلى العراق أن ذلك كان بسبب الرؤيا التي رآها ربيعة بن نصر وعبرها الكاهنان شق وسطيح وفيها أن الحبشة يغلبون على ملكهم باليمن قال فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرزاذ فأسكنهم الحيرة ومن بقية ربيعة بن نصر كان النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدى بن ربيعة بن نصر وقد يقال ان المنذر من أعقاب ساطرون ملك الحضر من تنوخ قضاعة رواه ابن إسحاق من علماء الكوفة ورواه عن جبير بن مطعم قال لما أتى عمر رضي الله عنه بسيف النعمان دعا بجبير بن مطعم وكان أنسب قريش لقريش والعرب تعلمه من أبى بكر رضي الله عنه فسلمه إياه ثم قال ممن كان النعمان يا جبير قال كان من اسلاف قنص ابن معد (قال السهيلي) كان ولد قنص بن معد انتشروا بالحجاز فوقعت بينهم وبين بنى أبيهم حرب وتضايق بالبلاد وأجدبت الأرض فساروا نحو سواد العراق وذلك في أيام ملوك الطوائف فقاتلهم الاردوانيون وبعض ملوك الطوائف وأجلوهم عن السواد
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»