تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٢٦٦
سبب قتل النعمان أن أباه وهو زيد بن حماد بن أيوب بن محروب بن عامر بن قبيصة بن امرئ القيس بن زيد مناة والد عدى هذا كان جميلا شاعرا خطيبا وقارئا كتاب العرب والفرس وكانوا أهل بيت يكونون مع الأكاسرة ويقطعونهم القطائع على أن يترجموا عندهم عن العرب وكان المنذر بن المنذر لما ملك جعل ابنه النعمان في حجر عدى فأرضعه أهل بيته ورباه قوم من أشراف الحيرة ينسبون إلى لخم ويقال لهم بنو مرسى وكان للمنذر بن المنذر عشرة سوى النعمان يقال لهم الأشاهب لجمالهم وكان النعمان من بينهم أحمر أبرش قصير وأمه سلمى بنت وائل بن عطية من أهل فدك كانت أمة للحرث بن حصن بن ضمضم بن عدى بن جناب بن كلب وكان قابوس بن المنذر الأكبر عم النعمان بعث إلى أنو شروان بعدي بن زيد واخوته فكانوا في كتابه يترجمون له فلما مات المنذر أوصى على ولده اياس بن قبيصة الطائي وجعل أمره كله بيده فأقام على ذلك شهرا ونظر أنو شروان فيمن يملكه على العرب وشاور عدى بن زيد واستنصحه في بنى المنذر فقال بقيتهم في بنى المنذر بن المنذر فاستقدمهم كسرى وأنزلهم على عدى وكان هواه مع النعمان فجعل يرعى اخوته تفضيلهم عليه ويقول لهم ان أشار عليكم كسرى بالملك وبمن يكفوه أمر العرب تكفلوا بشأن ابن أخيكم النعمان وبسر للنعمان ان سأله كسرى عن شأن اخوته أن يتكفله ويقول إن عجزت عنهم فأنا عن سواهم أعجز وكان مع أخيه الأسود بن المنذر رجل من بنى مرسى الذين ربوهم اسمه عدى بن أوس بن مرسى فنصحه في عدى وأعلمه أنه يغشه فلم يقبل ووقف كسرى على مقالاتهم فمال إلى النعمان وملكه وتوجه بقيمة ستين ألف دينار ورجع إلى الحيرة ملكا على العرب وعدي بن أوس في خدمته وقد أضمر السعاية بعدي بن زيد فكان يظهر الثناء عليه ويتواصى به مع أصحابه وأن يقولوا مثل قوله إلا أنه يستصغر النعمان ويزعم أنه ملكه وانه عامله حتى آسفوه بذلك وبعث إليه في الزيارة فأتاه وحبسه ثم ندم وخشى عاقبة اطلاقه فجعل يمنيه ثم خرج النعمان إلى البحرين وخالفه جفنة ملك غسان إلى الحيرة وغار عليها ونال منها وكان عدى بن زيد كتب إلى أخيه عند كسرى يشعره بطلب الشفاعة من كسرى إلى النعمان فجاء الشفيع إلى الحيرة وبها خليفة النعمان وجاء إلى عدى فقال له أعطني الكتاب أبعثه أنا ولازمني أنت هنا لئلا أقتل وبعث أعداؤه من بنى بقيلة إلى النعمان بأن رسول كسرى دخل عنده فبعث من قتله فلما وفد وافد كسرى في الشفاعة أظهر له الإجابة وأحسن له بأربعة آلاف دينار وجارية وأذن له أن يخرجه من محبسه فوجده قد مات منذ ليال فجاء إلى النعمان مثربا فقال والله لقد تركته حيا فقال وكيف تدخل إليه وأنت رسول إلى فطرده فرجع إلى كسرى وأخبره بموته وطوى عنه ما كان
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»