وضربوا الموعد معه ستة أشهر ونقض هرقل فخالف كسرى إلى بلاده واستخلف أخاه قسطنطين على قسطنطينية وسار في خمسة آلاف من عساكر الروم إلى بلاد فارس فخرب وقتل وسبى وأخذ ابني ابرويز كسرى من مريم بنت موريكش وهما قباد وشيرويه ومر بحلوان وشهرزور إلى المدائن ودجلة ورجع إلى أرمينية ولما قرب من القسطنطينية وارتحل ابرويز كسرى إلى بلاده فوجدها خرابا وكان ذلك مما أضعف من مملكة الفرس وأوهنها وخرج هرقل لتاسعة من ملكه لجمع الأموال وطلب عامل دمشق منصور بن سرحون فاعتذر بأنه كان يحمل الأموال إلى كسرى فعاقبه واستخلص منه مائة ألف دينار وأبقاه على عمله ثم سار إلى بيت المقدس وأهدى إليه اليهود فأمنهم أولا ثم عرفه الأساقفة والرهبان بما فعلوه في الكنائس ورآها خرابا وأخبروه بمن قتلوه من النصارى فأمر هرقل بقتلهم فلم ينج منهم الا من اختفى أو أبعد المفر إلى الجبال والبراري وأمر بالكنائس فبنيت وفي العاشرة من ملكه قدم أندراسكون بطركا لليعاقبة بإسكندرية فأقام ست سنين خربت فيها الديور ثم مات فجعل مكانه بنيامين فمكث سبعا وثلاثين سنة ومات والفرس يومئذ قد ملكوا مصر والإسكندرية وأما هرقل فسار من بيت المقدس إلى مصر وملكها وقتل الفرس وولى على الإسكندرية فوس وكان امانيا وجمع له بين البطركة والولاية ورأى بنيامين البطرك في نومه شخصا يقول قم فاختف إلى أن يجوز غضب الرب فاختفى وتقبض هرقل على أخيه مينا وأراده على الاخذ بالأمانة الخلقدونية فامتنع فأحرقه بالنار ورمى بجثته في البحر ثم عاد هرقل إلى قسطنطينية بعد أن جمع الأموال من دمشق وحمص وحماة وحلب وعمر البلاد إلى أن ملك مصر عمرو ابن العاصي وفتحها لثلثمائة وسبع وخمسين لديقلاديانوس وكتب لبنيامين البطرك بالأمان فرجع إلى إسكندرية بعد أن غاب عن كرسيه ثلاث عشرة سنة قال ابن العميد وانتقل التاريخ إلى الهجرة لاحدى عشرة من ملك هرقل وذلك لتسعمائة وثلاث وثلاثين للإسكندر وستمائة وأربع عشرة للمسيح (قال المسعودي) وقيل إن مولده عليه السلام كان لعهد نيشطيانش الثاني الذي ذكر أنه نوسطيونس الذي بنى كنيسة الرها وان ملكه كان عشرين سنة ثم ملك هرقل بن نوسطيونس خمس عشرة سنة وهو الذي ضرب السكة الهرقلية وبعده مورق بن هرقل قال والمشهور بين الناس أن الهجرة وأيام الشيخين كان ملك الروم لهرقل قال وفي كتب السير أن الهجرة كانت على عهد قيصر بن مورق ثم كان بعده ابنه قيصر بن قيصر أيام أبى بكر ثم هرقل بن قيصر أيام عمر وعليه كان الفتح وهو المخرج من الشأم قال ومدة ملكهم إلى الهجرة مائة وخمس وسبعون سنة (قال الطبري) مدة ما بين عمارة المقدس بعد تخريب بختنصر إلى الهجرة
(٢٢٢)