تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٢٢٣
على قول النصارى ألف سنة وتزيد ومن ملك الإسكندر إليها تسعمائة ونيف وعشرين سنة ومنه إلى مولد عيسى ثلثمائة وثلاث سنين وعمره إلى رفعه اثنان وثلاثون سنة ومن رفعه إلى الهجرة خمسمائة وخمس وثمانون سنة وقال هروشيوش ان ملك هرقل كانت الهجرة في تاسعته وسماه هرقل بن هرقل بن انطونيوس لستمائة واحدى عشرة من تاريخ المسيح ولألف ومائة من بناء رومة والله تعالى أعلم * (الخبر عن ملوك القياصرة من لدن هرقل والدولة الاسلامية إلى حين انقراض أمرهم وتلاشى أحوالهم) * قال ابن العميد وفي الثانية من الهجرة بعث ابرويز عساكره إلى الشأم والجزيرة فملكها وأثخن في بلاد الروم وهدم كنائس النصارى واحتمل ما فيها من الذهب والفضة والآنية حتى نقل الرخام الذي كان بالمباني وحمل أهل الرها على رأى اليعقوبية باغراء طبيب منهم كان عنده فرجعوا إليه وكانوا ملكية وفي سابعة الهجرة بعث عساكر الفرس ومقدمهم مرزبانه شهريار فدوخ بلاد الروم وحاصر القسطنطينية ثم تغير له فكتب إلى المرازبة معه بالقبض عليه واتفق وقوع الكتاب بيد هرقل فبعث به إلى شهريار فانتقض ومن معه وطلبوا هرقل في المدد فخرج معهم بنفسه في ثلثمائة ألف من الروم وأربعين ألفا من الخزر الذين هم التركمان وسار إلى بلاد الشأم والجزيرة وافتتح مدائنهم التي كان ملكها كسرى من قبل وفيما افتتح أرمينية ثم سار إلى الموصل فلقيه جموع الفرس وقائدهم المرزبان فانهزموا وقتل وأجفل ابرويز عن المدائن واستولى هرقل على ذخائر ملكهم وكان شيرويه بن كسرى محبوسا فأخرجه شهريار وأصحابه وملكوه وعقدوا مع هرقل الصلح ورجع هرقل إلى آمد بعد أن ولى أخاه تداوس على الجزيرة والشأم ثم سار إلى الرها ورد النصارى اليعاقبة إلى مذهبهم الذي أكرهوا على تركه وأقام بها سنة كاملة ومن غير ابن العميد وفي آخر سنة ست من الهجرة كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل كتابه من المدينة مع دحية الكلبي يدعوه إلى الاسلام ونصه على ما وقع في صحيح البخاري بسم الله الرحمن الرحيم (من محمد رسول الله) إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فانى أدعوك بدعاية الاسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فان توليت فان عليك إثم الأريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون فلما بلغه الكتاب جمع من كان بأرضه من قريش وسألهم عن أقربهم نسبا منه فأشاروا إلى أبي سفيان بن حرب فقال لهم انى سائله عن شأن هذا الرجل فاستمعوا ما يقوله ثم سأل أبا سفيان عن أحوال تجب أن تكون
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»