الداخل وبنيه بالأندلس وعبد الله الشيعي وبنيه بالافريقية وملكوا عليهم جزائر البحر الرومي التي كانت لهم مثل صقلية وميورقة ودانية وأخواتها إلى أن فشل ربح الدولتين وضعف ملك العرب فاستفحل الإفرنجة ورجعت لهم واسترجعوا ما ملكه المسلمون الا قليلا بسيف البحر الرومي مضائق العرض في طول أربع عشرة مرحلة واستولوا على جزائر البحر كلها ثم سموا إلى ملك الشأم وبيت المقدس مسجد أنبيائهم ومطلع دينهم فسربوا إليه آخر المائة الخامسة وتواثبوا على الأمصار والحصون وسواحله ويقال ان المستنصر العبيدي هو الذي دعاهم لذلك وحرضهم عليه لما رجى فيه من اشتغال ملوك السلجوقية بأمرهم واقامتهم سدا بينه وبينهم عندما سموا إلى ملك الشأم ومصر وكان ملك الإفرنجة يومئذ اسمه بردويل وصهره زجار ملك صقلية من أهل طاعته فتظاهروا على ذلك وساروا إلى القسطنطينية سنة احدى وتسعين ليجعلوها طريقا إلى الشأم فمنعهم ملك الروم يومئذ ثم أجازهم على أن يعطوه ملطية إذا ملكوها فقبلوا شرطه ثم ساروا إلى بلاد ابن قلطمش وقد استولى يومئذ على مرية وأعمالها وأرزن الروم وأقصر وسيواس افتتح تلك الأعمال كلها عند هبوب ريح قومه على السلجوقية ثم حدثت الفتنة بينهم وبين الروم بالقسطنطينية واستنجد كل منهم بملوك المسلمين في ثغور الشأم والجزيرة وعظمت الفتن في تلك الآفاق ودامت الحال على ذلك نحوا من مائة سنة وملك الروم بالقسطنطينية في تناقص واضمحلال وكان زجار صاحب صقلية يغزو القسطنطينية من البحر ويأخذ ما يجد في مرساها من سفن التجار وشوانى المدينة ولقد دخل جرجي بن ميخاييل صاحب أصطوله إلى مينا القسطنطينية سنة أربع وأربعين وخمسمائة ورمى قصر الملك بالسهام فكانت تلك أنكى على الروم من كل ناحية ثم كان استيلاء الإفرنج على القسطنطينية آخر المائة السادسة وكان من خبرها ان ملك الروم بالقسطنطينية أصهر إلى الفرنسيس عظيم ملوك الإفرنج في أخته فزوجها له الفرنسيس وكان له منها ابن ذكر ثم وثب بملك الروم أخوه فسلمه وملك القسطنطينية مكانه ولحق الابن بخاله الفرنسيس صريخا به على عمه فوجده قد جهز الأساطيل لارتجاع بيت المقدس واجتمع فيها ثلاثة من ملوك الإفرنجة بعساكرهم دوقس البنادقة صاحب المراكب البحرية وفي مراكبه كان ركوبهم وكان شيخا أعمى نقادا ذا ركب والمركس مقدم الفرنسيس وكيدفليد وهو أكبرهم فأمر الفرنسيس بالجواز على القسطنطينية ليصلحوا بين ابن أخته وبين عمه ملك الروم فلما وصلوا إلى مرسى القسطنطينية خرج عمه وحاربهم فهزموه ودخلوا البلد وهرب إلى أطراف البلد وقتل حاضروه وأضرموا النار في البار فاشتغل الناس بها وأدخل
(٢٣٣)