تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٢٢٤
للنبي صلى الله عليه وسلم أو ينزه عنها وكان هرقل عارفا بذلك فأجابه أبو سفيان عن جميع ما سأله من ذلك فرآى هرقل انه نبي لا محالة مع أنه كان حزاء ينظر في علم النجوم وكان عنده علم من القرآن الكائن قبل الملة والعرب فاستيقن بنبوته وصحة ما يدعو إليه حسبما ذكره البخاري في صحيحه وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرث ابن أبي شمر الغساني ملك غسان بالبلقاء من أرض الشأم وعامل قيصر على العرب مع شجاع بن وهب الأسدي يدعوه إلى الاسلام قال شجاع فأتيته وهو بغوطة دمشق يهيئ النزل لقيصر حين جاء من حمص إلى إيليا فشغل عنى إلى أن دعاني ذات يوم وقرأ كتابي وقال من ينتزع منى ملكي انا سائر إليه ولو كان باليمن ثم امر بالخيول تنعل وكتب بالخبر إلى قيصر فنهاه عن المسير ثم أمرني بالانصراف وزودني بمائة دينار ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثامنة من الهجرة جيشه إلى الشأم وهي غزوة مؤتة كان المسلمون فيها ثلاثة آلاف وأمر عليهم زيد بن حارثة وقال إن أصيب فجعفر فعبد الله ابن رواحة فانتهوا إلى معان من أرض الشأم ونزل هرقل صاب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم وانضمت إليهم جموع جذام والغيد وبهرام وبلى وعلي بن مالك بن زافلة ثم زحف المسلمون إلى البلقاء ولقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب على موتة فكان التمحيص والشهادة واستشهد زيد ثم جعفر ثم عبد الله وانصرف خالد بن الوليد بالناس فقدموا المدينة ووجد النبي صلى الله عليه وسلم على من قتل من المسلمين ولا كوجده على جعفر بن أبي طالب لأنه كان تلاده ثم أمر بالناس في السنة التاسعة بعد الفتح وحنين والطائف ان يتهيؤا لغزو الروم فكانت غزوة تبوك فبلغ تبوك وأتاه صاحب إيلة وجرباء وأذرح وأعطوا الجزيرة وصاحب إيلة يومئذ يوحنا بن روبة بن نفاثة أحد بطون جذام وأهدى له بغلة بيضاء وبعث خالد بن الوليد إلى دومة الجندل وكان بها أكيدر بن عبد الملك فأصابوه بضواحيها في ليلة مقمرة فأسروه وقتلوا أخاه وجاؤا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحقن دمه وصالحه على الجزية ورده إلى قريته وأقام بتبوك بضع عشرة ليلة وقفل إلى المدينة وبلغ خبر يوحنا إلى هرقل فأمر بقتله وصلبه عند قريته اه‍ من غير ابن العميد ورجعنا إلى كلامه قال وفي الثالثة عشر من الهجرة جهز أبو بكر العساكر من المسلمين من العرب لفتح الشأم عمرو بن العاصي لفلسطين ويزيد بن أبي سفيان لحمص وشرحبيل بن حسنة للبلقاء وقائدهم أبو عبيدة بن الجراح وبعث خالد بن سعيد بن العاصي إلى سماوة فلقيه ماهاب البطريق في جموع الروم فهزمهم خالد إلى دمشق ونزل مرجع الصفراء ثم أخذوا عليه الطريق ونازلوه ثانية فتجهز إلى جهة المسلمين وقتل ابنه وبعث أبو بكر خالد بن الوليد بالعراق يسير إلى الشأم أميرا على المسلمين فسار ونزل معهم دمشق وفتحوها كما نذكر في الفتوحات وزحف عمرو ابن العاصي إلى غيره ولقيته
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»