تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٧٧
ملوك الشمال منهم وكان لكسرى أنو شروان في بنائه خبر مع ملوك الخزر ثم استفحل ملك الترك وزحف خاقان سيحور وقتل ملك الهياطلة واستولى على بلادهم وأطاعه أهل بلنجر وزحف إلى بلاد صول في عشرة آلاف مقاتل وبعث إلى أنو شروان يطلب منه ما أعطاه أهل بلنجر في الفداء وضبط أنو شروان أرمينية بالعساكر وامتنعت صول بملكها أنو شروان والناحية الأخرى بسور الأبواب فرجع خاقان خائبا وأخذ أنو شروان في اصلاح السابلة والاخذ بالعدل وتفقد أهل المملكة وتخير الولاة والعمال مقتديا بسيرة أردشير بن بابك جده ثم سار إلى بلاد الروم وافتتح حلب وقبرص وحمص وأنطاكية ومدينة هرقل ثم الإسكندرية وضرب الجزية على ملوك القبط وحمل إليه ملك الروم الفدية وملك الصين والتبت الهدايا ثم غزا بلاد الخزر وأدرك فيهم بثاره وما فعلوه ببلاده ثم وفد عليه ابن ذي يزن من نسل الملوك التبابعة يستجيشه على الحبشة فبعث معه قائدا من قواده في جند من الديلم فقتلوا مسروقا ملك الحبشة باليمن وملكوها وملك عليهم سيف بن ذي يزن وأمره أن يبعث عساكره إلى الهند فبعث إلى سرنديب قائدا من قواده فقتل ملكها واستولى عليها وحمل إلى كسرى أموالا جمة وملك على العرب في مدينة الحيرة ثم سار نحو الهياطلة مطالبا بثار جده فيروز فقتل ملكهم واستأصل أهل بيته وتجاوز بلخ وما وراءها وأنزل عساكره فرغانة وأثخن في بلاد الروم وضرب عليهم الجزى وكان مكرما للعلماء محبا للعلم وفي أيامه ترجم كتاب كليلة وترجمه من لسان اليهود وحله بضرب الأمثال ويحتاج إلى فهم دقيق وعلى عهده ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم لثنتين وأربعين سنة من ملكه وذلك عام الفيل وكذلك ولد أبوه عبد الله ابن عبد المطلب لأربع وعشرين من ملكه قال الطبري وفي أيامه رأى الموبذان الإبل الصعاب تقود الخيل العراب وقد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها فأفزعه ذلك وقص الرؤيا على من يعبرها فقال حادث يكون من العرب فكتب كسرى إلى النعمان أن يبعث إليه بمن يسأله عما يريده فبعث إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حسان بن نفيلة الغساني وقص عليه الرؤيا فدله على سطيح وقال له ائته أنت فسار إليه وقص عليه الرؤيا فأخبره بتأويلها وأن ملك العرب سيظهر والقصة معروفة وكان فيما قاله سطيح انه يملك من آل كسرى أربعة عشر ملكا فاستطال كسرى المدة وملكوا كلهم في عشرين سنة أو نحوها وبعث عامل اليمن وهرز بهدية وأموال وطرف من اليمن إلى كسرى فأغار عليها بنو يربوع من تميم وأخذوها وجاء أصحاب العير إلى هوذة بن علي ملك اليمامة من بنى حنيفة فسار معهم إلى كسرى فأكرمه وتوجه بعقد من لؤلؤ ومن ثم قيل له ذو التاج وكتب إلى عامله بالبحرين في شأنهم وكان كثيرا ما يوقع ببني تميم ويقطعهم حتى سموه المكفر فتحيل عليهم بالميرة ونادى
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»