تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٧٦
فلما أحل بنيسابور ومعه العساكر سأل عن المرأة فأحضرت ومعها الخبر وجاء الخبر هنا لك بمهلك أخيه يلاوش فتيمن بالمولود وسار إلى سرحد الذي كان أبوه فيروز استخلفه على المدائن ومال الناس إليه دون قباذ واستبد عليه فلما كبر وبلغ سن الاستبداد بأمره أنف من استبداد سرحد عليه فبعث إلى أصبهبذ البلاد وهو سابور مهران فقدم عليه وقبض على سرحد وحبسه ثم قتله ولعشرين من دولته حبس وخلع ثم عاد إلى الملك وصورة الخبر عن ذلك أن مردك الزنديق كان إباحيا وكان يقول باستباحة أموال الناس وأنها فئ وأنه ليس لاحد ملك شئ ولا حجره والأشياء كلها ملك لله مشاع بين الناس لا يختص به أحد دون أحد وهو لمن اختاره فعثر الناس منه على متابعة مردك في هذا الاعتقاد واجتمع أهل الدولة فخلعوه وحبسوه وملكوا جاماسات أخاه وخرج رزمهر شاكيا داعيا لقباذ ويقرب إلى الناس بقتل المردكية وأعاد قباذ إلى ملكه ثم سعت المردكية عنده في رزمهر بإنكار ما أتى قبلهم فقبله واتهمه الناس برأى مردك فانتقضت الأطراف وفسد الملك وخلعوه وحبسوه وأعادوا جاماسات وفر قباذ من محبسه ولحق قباذ بالهياطلة وهم الصغد مستجيشا لهم ومر في طريقه بابوشهر فتزوج بنت ملكها وولدت له أنو شروان ثم أمده ملك الهياطلة فزحف إلى المدائن لست سنين من مغيبه وغلب أخاه جاماسات واستولى على الملك ثم غزا بلاد الروم وفتح آمد وسبى أهلها وطالت مدته وابتنى المدن العظيمة منها مدينة أرجان بين الأهواز وفارس ثم هلك لثلاث وأربعين سنة من ملكه في الكرة الأولى وملك ابنه أنو شروان بن قباذ بن فيروز بن يزدجرد وكان يلي الأصبهبذ وهي الرياسة على الجنود ولما ملك فرق أصبهبذ البلاد على أربعة فجعل أصبهبذ المشرق بخراسان والمغرب بآذربيجان وبلاد الخزر واسترد البلاد التي تغلب عليها جيران الأطراف من الملوك مثل السند وبست الرخج وزابلستان وطخارستان ودهستان وأثخن في أمة البازر وأجلى بقيتهم ثم أدهنوا واستعان بهم في حروبه وأثخن في أمة صول واستلحمهم وكذلك الجرامقة وبلنجر واللان وكانوا يجاورون أرمينية ويتمالأون على غزوها فبعث إليهم العساكر واستلحموهم وأنزل بقيتهم آذربيجان وأحكم بناء الحصون التي كان بناها قباذ وفيروز بناحية صول واللان لتحصين البلاد وأكمل بناء الأبواب والسور الذي بناه جده بجبل الفتح بنوه على الازماق المنفوخة تغوص في الماء كلما ارتفع البناء إلى أن استقرت بقعر البحر وشقت بالخناجر فتمكن الحائط من الأرض ثم وصل السور في البر ما بين جبل الفتح والبحر وفتحت فيه الأبواب ثم وصلوه في شعاب الجبل وبقي فيه إلى أن كمل قال المسعودي انه كان باقيا لعصره والظن أن التتر خربوه بعد لما استولوا على ممالك الاسلام في المائة السابعة ومكانه اليوم في مملكة بنى ذو شيخان
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»