تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٨٠
الطبري) وأدنى الأرض التي أشارت إليها الآية هي أذرعات وبصرى التي كانت بها هذه الحروب ثم غلبت الروم لسبع سنين من ذلك العهد وأخبر المسلمون بذلك الوعد الكريم لما أهمهم من غلب فارس الروم لان قريشا كانوا يتشيعون لفارس لأنهم غير دائنين بكتاب والمسلمون يودون غلب الروم لأنهم أهل كتاب وفي كتب التفسير بسط ما وقع في ذلك بينهم وأبرويز هذا هو الذي قتل النعمان بن المنذر ملك العرب وعامله على الحيرة سخطه بسعاية عدى بن زيد العبادي وزير النعمان وكان قد قتل أباه وبعثه إلى كسرى ليكون عنده ترجمانا للعرب كما كان أبوه قد فعل بسعايته في النعمان وحمله على أن يخطب إليه ابنته وبعث إليه رسوله بذلك عدى بن زيد فترجم له عنه في ذلك مقالة قبيحة أحفظت كسرى أبرويز مع ما كان تقدم له في منعه الفرس يوم بهرام كما تقدم فاستدعاه ابرويز وحبسه بساباط ثم أمر به فطرح للفيلة وولى على العرب بعده اياس بن قبيصة الطائي جزاء بوفاء ابن عمه حسان يوم بهرام كما تقدم ثم كان على عهده وقعة ذي قار لبكر ابن وائل ومن معهم من عبس وتميم على الباهوت مسلحة كسرى بالحيرة ومن معه من طيئ وكان سبيها ان النعمان بن المنذر أودع سلاحه عند هانئ بن مسعود الشيباني وكانت شكة ألف فارس وطلبها كسرى منه فأبى إلا أن يردها إلى بيته فآذنه كسرى بالحرب وآذنوا بها وبعث كسرى إلى اياس أن يزحف إليه بالمسالح التي كانت ببلاد العرب بان يوافوا إياسا واقتتلوا بذي قار وانهزمت الفرس ومن معهم وفيها قال النبي صلى الله عليه وسلم اليوم انتصف العرب من العجم وبى نصروا أوحى إليه بذلك أو نفث في روعه قيل إن ذلك كان بمكة وقيل بالمدينة بعد وقعة بدر بأشهر وفي أيام ابرويز كانت البعثة لعشرين من ملكه وقيل لثنتين وثلاثين حكاه الطبري وبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه يدعوه إلى الاسلام كما تقدم في أخبار اليمن وكما يأتي في أخبار الهجرة ولما طال ملك ابرويز بطر وأشر وخسر الناس في أموالهم وولى عليهم الظلمة وضيق عليهم المعاش وبغض عليهم ملكه (وقال هشام) جمع ابرويز من المال ما لم يجمعه أحد وبلغت عساكره القسطنطينية وإفريقية وكان يشتو بالمدائن ويصيف بهمدان وكان له اثنتا عشرة ألف امرأة وألف فيل وخمسون ألف دابة وبنى بيوت النيران وأقام فيها اثنى عشر ألف هربذ وأحصى جبايته لثمان عشرة سنة من ملكه فكان أربعمائة ألف ألف مكررة مرتين وعشرون ألف ألف مثلها فحمل إلى بيت المال بمدينة طبسون وكانت هنا لك أموال أخرى من ضرب فيروز بن يزدجرد منها اثنا عشر ألف بدرة في كل بدرة من الورق مصارفة أربعة آلاف مثقال فتكون جملتها ثمانية وأربعين ألف ألف مثقال مكررة مرتين في صنوف من الجواهر والطيوب والأمتعة والآنية لا يحصيها الا الله تعالى ثم بلغ من عتوه واستخفافه بالناس انه أمر بقتل المقيدين في سجونه وكانوا
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 184 186 187 ... » »»