تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٨٨
الإسكندرية ثم تزاحف مع دارا وهزمه وقتله وتخطى إلى فارس فملك بلادها وهدم مدينة الملك بها وسبى أهلها وأشار عليه معلمه أرسطو بأن يجعل الملك في أسافلهم لتتفرق كلمتهم ويخلص إليه أمرهم فكاتب الإسكندر ملوك كل ناحية من الفرس والنبط والعرب وملك على كل ناحية وتوجه فصاروا طوائف في ملكهم واستبد كل واحد منهم بجهة كان ملكها لعقبه ومعلمه أرسطو هذا من اليونانيين وكان مسكنه أثينا وكان كبير حكماء الخليقة غير منازع أخذ الحكمة عن أفلاطون اليوناني كان يعلم الحكمة وهو ماش تحت الرواق المظلل له من حر الشمس فسمى تلاميذه بالمشائين وأخذ أفلاطون عن سقراط ويعرف بسقراط الدن بسكناه في دن من الخزف اتخذه لرهبانيته وقتله قومه أهل يونان مسموما لما نهاهم عن عبادة الأوثان وكان هو أخذ الحكمة عن فيثاغورس منهم ويقال ان فيثاغورس أخذ عن تاليس حكيم ملطية وأخذ تاليس عن لقمان ومن حكماء اليونانيين دميقراطيس وانكيثاغورش كان مع حكمته مبرزا في علم الطب وبعث فيه بهمن ملك الفرس إلى ملك يونان فامتنع من ايفاده عليه ضنانة به وكان من تلامذته جالينوس لعهد عيسى عليه السلام ومات بصقلية ودفن بها ولما استولى الإسكندر على بلاد فارس تخطاها إلى بلاد السند فملكها وبنى بها مدينة سماها الإسكندرية ثم زحف إلى بلاد الهند فغلب على أكثرها وحاربه فور ملك الهند فانهزم وأخذه الإسكندر أسيرا بعد حروب طويلة وغلب على جميع طوائف الهنود وملك بلاد الصين والسند وذللت إليه الملوك وحملت إليه الهدايا والخراج من كل ناحية وراسله ملوك الأرض من إفريقية والمغرب والإفرنجة والصقالبة والسودان ثم ملك بلاد خراسان والترك واختط مدينة الإسكندرية عند مصب النيل في البحر الرومي واستولى على الملوك يقال على خمسة وثلاثين ملكا وعاد إلى بابل فمات بها يقال مسموما سمه عامله على مقدونية لان أمه شكته إلى الإسكندر فتوعده فأهدى له سما وتناوله فمات لثنتين وأربعين سنة من عمره بعد أن ملك ثنتي عشرة سنة سبعا منها قبل مقتل دارا وخمسا بعده قال الطبري ولما مات عرض الملك على ابنه اسكندروس فاختار الرهبانية فملك يونان عليهم لوغوس من بيت الملك ولقبه بطليموس (قال المسعودي ثم صارت هذه التسمية لكل من يملك منهم ومدينتهم مقدونية وينزلون الإسكندرية وملك منهم أربعة عشر ملكا في ثلثمائة سنة وقال ابن العميد كان قسم الملك في حياته بين أربعة من أمرائه بطليموس فليادا كان على الإسكندرية ومصر والمغرب وفيلفوس بمقدونية وما إليها من ممالك الروم وهو الذي سم الإسكندر ودمطرس بالشأم وسلقنوس بفارس والمشرق فلما مات استبد كل واحد بناحيته وكتب أرسطو شرح كتاب هرمس وترجمه من
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 184 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»