ما بينهما بما يراه صاحب البناء في عرض الأساس ويوصل بينهما بأذرع من الخشب يربط عليها بالحبال والجدر ويسد الجهتان الباقيتان من ذلك الخلاء بينهما بلوحين آخرين صغيرين ثم يوضع فيه التراب مخلطا بالكلس ويركز بالمراكز المعدة حتى ينعم ركزه ويختلط أجزاؤه ثم يزاد التراب ثانيا وثالثا إلى أن يمتلي ذلك الخلاء بين اللوحين وقد تداخلت أجزاء الكلس والتراب وصارت جسما واحدا ثم يعاد نصب اللوحين على صورة ويركز كذلك إلى أن يتم وينظم الألواح كلها سطرا من فوق سطر إلى أن ينتظم الحائط كله ملتحما كأنه قطعة واحدة ويسمى الطابية وصانعه الطواب ومن صنائع البناء أيضا أن تجلل الحيطان بالكلس بعد أن يحل بالماء ويخمر أسبوعا أو أسبوعين على قدر ما يعتدل مزاجه عن إفراط النارية المفسدة للالحام فإذا تم له ما يرضاه من ذلك علاه من فوق الحائط وذلك إلى أن يلتحم ومن صنائع البناء عمل السقف بأن يمد الخشب المحكمة النجارة أو الساذجة على حائطي البيت ومن فوقها الألواح كذلك موصولة بالدسائر ويصب عليها التراب والكلس ويبسط بالمراكز حتى تتداخل أجزاؤها وتلتحم ويعالى عليها الكلس كما يعالى على الحائط ومن صناعة البناء ما يرجع إلى التنميق والتزيين كما يصنع من فوق الحيطان الاشكال المجسمة من الجص يخمر بالماء ثم يرجع جسدا وفيه بقية البلل فيشكل على التناسب تخريما بمثاقب الحديد إلى أن يبقى له رونق ورؤاء وربما عولي على الحيطان أيضا بقطع الرخام والأجر والخزف أو بالصدف أو السبج يفصل أجزاء متجانسة أو مختلفة وتوضع في الكلس على نسب وأوضاع مقدرة عندهم يبدو به الحائط للعيان كأنه قطع الرياض المنمنمة إلى غير ذلك من بناء الجباب والصهاريج لسفح الماء بعد أن تعد في البيوت قصاع الرخام القوراء المحكمة الخرط بالفوهات في وسطها لنبع الماء الجاري إلى الصهريج يجلب إليه من خارج القنوات المفضية إلى البيوت وأمثال ذلك من أنواع البناء وتختلف الصناع في جميع ذلك باختلاف الحذق والبصر ويعظم عمران المدينة ويتسع فيكثرون وربما يرجع الحكام إلى نظر هؤلاء فيما هم أبصر به من أحوال البناء وذلك أن الناس في المدن لكثرة الازدحام والعمران يتشاحون حتى في الفضاء والهواء الأعلى
(٤٠٨)