تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٢٦٢
أيام الفرس كانت مختلفة وكان منها على وزن المثقال عشرون قيراطا ومنها اثنا عشر ومنها عشرة فلما احتيج إلى تقديره في الزكاة أخذ الوسط وذلك اثنا عشر قيراطا فكان المثقال درهما وثلاثة أسباع درهم وقيل كان منها البغلي بثمانية دوانق والطبري أربعة دوانق والمغربي ثمانية دوانق واليمني ستة دوانق فأمر عمر أن ينظر الأغلب في التعامل فكان البغلي والطبري اثني عشر دانقا وكان الدرهم ستة دوانق وإن زدت ثلاثة أسباعه كان مثقالا وإذا أنقصت ثلاثة أعشار المثقال كان درهما فلما رأى عبد الملك اتخاذ السكة لصيانة النقدين الجاريين في معاملة المسلمين من الغش عين مقدارها على هذا الذي استقر لعهد عمر رضي الله عنه واتخذ فيه كلمات لا صورا لان العرب كان الكلام والبلاغة أقرب مناحيهم وأظهرها مع أن الشرع ينهى عن الصور فلما فعل ذلك استمر بين الناس في أيام الملة كلها وكان الدينار والدرهم على شكلين مدورين والكتابة عليهما في دوائر متوازية يكتب فيها من أحد الوجهين أسماء الله تهليلا وتحميدا وصلاة على النبي وآله وفي الوجه الثاني التأريخ واسم الخليفة وهكذا أيام العباسيين والعبيديين والأمويين وأما صنهاجة فلم يتخذوا سكة إلا آخر الامر اتخذها منصور صاحب بجاية ذكر ذلك ابن حماد في تاريخه ولما جاءت دولة الموحدين كان مما سن لهم المهدي اتخاذ سكة الدرهم مربع الشكل وأن يرسم في دائرة الدينار شكل مربع في وسطه ويملا من أحد الجانبين تهليلا وتحميدا ومن الجانب الآخر كتبا في السطور باسمه واسم الخلفاء من بعده ففعل ذلك الموحدون وكانت سكتهم على هذا الشكل لهذا العهد ولقد كان المهدي فيما ينقل ينعت قبل ظهوره بصاحب الدرهم المربع نعته بذلك المتكلمون بالحدثان من قبله المخبرون في ملاحمهم عن دولته وأما أهل المشرق لهذا العهد فسكتهم غير مقدرة وإنما يتعاملون بالدنانير والدراهم وزنا بالصنجات المقدرة بعدة منها ولا يطبعون عليها بالسكة نقوش الكلمات بالتهليل والصلاة واسم السلطان كما يفعله أهل المغرب ذلك تقدير العزيز العليم ولنختم الكلام في السكة بذكر حقيقة الدرهم والدينار الشرعيين وبيان حقيقة مقدارهما
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»