تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٢٥١
لعب ء التدبير من مرافقه في صناعته ومصاحبه في خدمته فإن أعقل الرجلين عند ذوي الألباب من رمى بالعجب وراء ظهره ورأى أن أصحابه أعقل منه وأحمد في طريقته وعلى كل واحد من الفريقين أن يعرف فضل نعم الله جل ثناؤه من غير اغترار برأيه ولا تزكية لنفسه ولا يكاثر على أخيه أو نظيره وصاحبه وعشيره وحمد الله واجب على الجميع وذلك بالتواضع لعظمته والتذلل لعزته والتحدث بنعمته وأنا أقول في كتابي هذا ما سبق به المثل من تلزمه النصيحة يلزمه العمل وهو جوهر هذا الكتاب وغرة كلامه بعد الذي فيه من ذكر الله عز وجل فلذلك جعلته آخره وتممته به تولانا الله وإياكم يا معشر الطلبة والكتبة بما يتولى به من سبق علمه بإسعاده وإرشاده فإن ذلك إليه وبيده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (الشرطة) * ويسمى صاحبها لهذا العهد بأفريقية الحاكم وفي دولة أهل الأندلس صاحب المدينة وفي دولة الترك الوالي وهي وظيفة مرؤوسة لصاحب السيف في الدولة وحكمه نافذ في صاحبها في بعض الأحيان وكان أصل وضعها في الدولة العباسية لمن يقيم أحكام الجرائم في حال استبدادها أولا ثم الحدود بعد استيفائها فإن التهم التي تعرض في الجرائم لأنظر للشرع إلا في استيفاء حدودها وللسياسة النظر في استيفاء موجباتها بإقرار يكرهه عليه الحاكم إذا احتفت به القرائن لما توجبه المصلحة العامة في ذلك فكان الذي يقوم بهذا الاستبداد وباستيفاء الحدود بعده إذا تنزه عنه القاضي يسمى صاحب الشرطة وربما جعلوا إليه النظر في الحدود والدماء بإطلاق وأفردوها من نظر القاضي ونزهوا هذه المرتبة وقلدوها كبار القواد وعظماء الخاصة من مواليهم ولم تكن عامة التنفيذ في طبقات الناس إنما كان حكمهم على الدهماء وأهل الريب والضرب على أيدي الرعاع والفجرة ثم عظمت نباهتها في دولة بني أمية بالأندلس ونوعت إلى شرطة كبرى وشرطة صغرى وجعل حكم الكبرى على الخاصة والدهماء وجعل له الحكم على أهل المراتب السلطانية والضرب على أيديهم في الظلامات وعلى أيدي أقاربهم ومن إليهم من أهل الجاه وجعل صاحب الصغرى مخصوصا بالعامة ونصب لصاحب الكبرى كرسي بباب دار السلطان ورجال يتبوؤون المقاعد بين يديه فلا يبرحون عنها إلا في تصريفه وكانت
(٢٥١)
مفاتيح البحث: بنو أمية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»