تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٢٦٤
الشرعية ذهنا كما كان في الصدر الأول وصار أهل كل أفق يستخرجون الحقوق الشرعية من سكتهم بمعرفة النسبة التي بينهما وبين مقاديرها الشرعية وأما وزن الدينار باثنتين وسبعين حبة من الشعير الوسط فهو الذي نقله المحققون وعليه الاجماع إلا ابن حزم خالف ذلك وزعم أن وزنه أربع وثمانون حبة. نقل ذلك عنه القاضي عبد الحق ورده المحققون وعدوه وهما وغلطا وهو الصحيح والله يحق الحق بكلماته وكذلك تعلم أن الأوقية الشرعية ليست هي المتعارفة بين الناس لان المتعارفة مختلفة باختلاف الأقطار والشرعية متحدة ذهنا لا اختلاف فيها والله خلق كل شئ فقدره تقديرا (الخاتم) وأما الخاتم فهو من الخطط السلطانية والوظائف الملوكية والختم على الرسائل والصكوك معروف للملوك قبل الاسلام وبعده وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى قيصر فقيل له إن العجم لا يقبلون كتابا إلا أن يكون مختوما فاتخذ خاتما من فضة ونقش فيه. محمد رسول الله. قال البخاري جعل الثلاث الكلمات ثلاثة أسطر وختم به وقال لا ينقش أحد مثله قال وتختم به أبو بكر وعمر وعثمان ثم سقط من يد عثمان في بئر أريس وكانت قليلة الماء فلم يدرك قعرها بعد واغتم عثمان وتطير منه وصنع آخر على مثله وفي كيفية نقش الخاتم والختم به وجوه وذلك أن الخاتم يطلق على الآلة التي تجعل في الإصبع ومنه تختم إذا لبسه ويطلق على النهاية والتمام ومنه ختمت الامر إذا بلغت اخره وختمت القرآن كذلك ومنه خاتم النبيين وخاتم الامر ويطلق على السداد الذي يسد به الأواني والدنان ويقال فيه ختام ومنه قوله تعالى ختامه مسك وقد غلط من فسر ذلك بالنهاية والتمام قال لان آخر ما يجدونه في شرابهم ريح المسك وليس المعنى عليه وإنما هو من الختام الذي هو السداد لان الخمر يجعل لها في الدن سداد الطين أو القار يحفظها ويطيب عرفها وذوقها فبولغ في وصف خمر الجنة بأن سدادها من المسك وهو أطيب عرفا وذوقا من القار والطين المعهودين في الدنيا فإذا صح إطلاق الخاتم على هذه كلها صح إطلاقه على أثرها الناشئ عنها وذلك أن الخاتم إذا نقشت به كلمات أو أشكال ثم غمس في مداف من الطين أو مداد ووضع على صفح القرطاس بقي أكثر الكلمات
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»