اعتاض ملوك الاسلام عن ذلك بكتب أسمائهم مع كلمات أخرى تجري مجرى الفأل أو السجلات وكان ذلك في الدولتين من أبهة الأمور وأفخم الأحوال وكانت الدور المعدة لنسج أثوابهم في قصورهم تسمى دور الطراز لذلك وكان القائم على النظر فيها يسمى صاحب الطراز ينظر في أمور الصباغ والآلة والحاكة فيها وإجراء أرزاقهم وتسهيل آلاتهم ومشارفة أعمالهم وكانوا يقلدون ذلك لخواص دولتهم وثقات مواليهم وكذلك كان الحال في دولة بني أمية بالأندلس والطوائف من بعدهم وفي دولة العبيديين بمصر ومن كان على عهدهم من ملوك العجم بالمشرق ثم لما ضاق نطاق الدول عن الترف والتفنن فيه لضيق نطاقها في الاستيلاء وتعددت الدول تعطلت هذه الوظيفة والولاية عليها من أكثر الدول بالجملة ولما جاءت دولة الموحدين بالمغرب بعد بني أمية أول المائة السادسة لم يأخذوا بذلك أول دولتهم لما كانوا عليه من منازع الديانة والسذاجة التي لقنوها عن إمامهم محمد بن تومرت المهدي وكانوا يتورعون عن لباس الحرير والذهب فسقطت هذه الوظيفة من دولتهم واستدرك منها أعقابهم آخر الدولة طرفا لم يكن بتلك النباهة وأما لهذا العهد فأدركنا بالمغرب في الدولة المرينية لعنفوانها وشموخها رسما جليلا لقنوه من دولة ابن الأحمر معاصرهم بالأندلس واتبع هو في ذلك ملوك الطوائف فأتى منه بلمحة شاهدة بالأثر. وأما دولة الترك بمصر والشام لهذا العهد ففيها من الطراز تحرير آخر على مقدار ملكهم وعمران بلادهم إلا أن ذلك لا يصنع في دورهم وقصورهم وليست من وظائف دولتهم وإنما ينسج ما تطلبه الدولة من ذلك عند صناعه من الحرير ومن الذهب الخالص ويسمونه المزركش لفظة أعجمية ويرسم اسم السلطان أو الأمير عليه ويعده الصناع لهم فيما يعدونه للدولة من طرف الصناعة اللائقة بها والله مقدر الليل والنهار والله خير الوارثين الفساطيط والسياج إعلم أن من شارات الملك وترفه اتخاذ الأخبية والفساطيط والفازات من ثياب الكتان والصوف والقطن فيباهي بها في الاسفار وتنوع منها الألوان ما بين كبير وصغير على نسبة الدولة في الثروة واليسار وإنما يكون الامر في أول الدولة في بيوتهم التي جرت عادتهم باتخاذها قبل الملك وكان العرب لعهد الخلفاء الأولين من بني أمية
(٢٦٧)