ولايتها للأكابر من رجالات الدولة حتى كانت ترشيحا للوزارة والحجابة وأما في دولة الموحدين بالمغرب فكان لها حظ من التنويه وإن لم يجعلوها عامة وكان لا يليها إلا رجالات الموحدين وكبراؤهم ولم يكن له التحكم على أهل المراتب السلطانية ثم فسد اليوم منصبها وخرجت عن رجال الموحدين وصارت ولايتها لمن قام بها من المصطنعين. وأما في دولة بني مرين لهذا العهد بالمشرق فولايتها في بيوت مواليهم وأهل اصطناعهم وفي دولة الترك بالمشرق في رجالات الترك أو أعقاب أهل الدولة قبلهم من الترك يتخيرونهم لها في النظر بما يظهر منهم من الصلابة والمضاء في الاحكام لقطع مواد الفساد وحسم أبواب الذعارة وتخريب مواطن الفسوق وتفريق مجامعه مع إقامة الحدود الشرعية والسياسية كما تقتضيه رعاية المصالح العامة في المدينة والله مقلب الليل والنهار وهو العزيز الجبار والله تعالى أعلم (قيادة الأساطيل) * وهي من مراتب الدولة وخططها في ملك المغرب وأفريقية ومرؤوسة لصاحب السيف وتحت حكمه في كثير من الأحوال ويسمى صاحبها في عرفهم البلمند بتفخيم اللام منقولا من لغة الإفرنجة فإنه اسمها في اصطلاح لغتهم وإنما اختصت هذه المرتبة بملك أفريقية والمغرب لأنهما جميعا على ضفة البحر الرومي من جهة الجنوب وعلى عدوته الجنوبية بلاد البربر كلهم من سبتة إلى الشام وعلى عدوته الشمالية بلاد الأندلس والإفرنجة والصقالبة والروم إلى بلاد الشام أيضا ويسمى البحر الرومي والبحر الشامي نسبة إلى أهل عدوته والساكنون بسيف هذا البحر وسواحله من عدوتيه يعانون من أحواله مالا تعانيه أمة من أمم البحار فقد كانت الروم والإفرنجة والقوط بالعدوة الشمالية من هذا البحر الرومي وكانت أكثر حروبهم ومتاجرهم في السفن فكانوا مهرة في ركوبه والحرب في أساطيله ولما أسف من أسف منهم إلى ملك العدوة الجنوبية مثل الروم إلى أفريقية والقوط إلى المغرب أجازوا في الأساطيل وملكوها وتغلبوا على البربر بها وانتزعوا من أيديهم أمرها وكان لها بها المدن الحافلة مثل قرطاجنة وسبيطلة وجلولاء ومرناق وشرشال وطنجة وكان صاحب قرطاجنة من قبلهم يحارب صاحب رومة ويبعث الأساطيل لحربه مشحونة بالعساكر والعدد فكانت هذه عادة لأهل هذا البحر
(٢٥٢)