تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٢٤١
يعنون به السيف والقلم ويدلون بالحجابة على حجابة السلطان عن العامة والخاصة وبذي الوزارتين عن جمعه لخطتي السيف والقلم ثم لم يكن في دول المغرب وأفريقية ذكر لهذا الاسم للبداوة التي كانت فيهم وربما يوجد في دولة العبيديين بمصر عند استعظامها وحضارتها إلا أنه قليل * ولما جاءت دولة الموحدين لم تستمكن فيها الحضارة الداعية إلى انتحال الألقاب وتمييز الخطط وتعيينها بالأسماء إلا آخرا فلم يكن عندهم من الرتب إلا الوزير فكانوا أولا يخصون بهذا الاسم الكاتب المتصرف المشارك للسلطان في خاص أمره كابن عطية وعبد السلام الكومي وكان له مع ذلك النظر في الحساب والاشغال المالية ثم صار بعد ذلك اسم الوزير لأهل نسب الدولة من الموحدين كابن جامع وغيره ولم يكن اسم الحاجب معروفا في دولتهم يومئذ * وأما بنو أبي حفص بإفريقية فكانت الرئاسة في دولتهم أولا والتقدم لوزير والرأي والمشورة وكان يخص باسم شيخ الموحدين وكان له النظر في الولايات والعزل وقود العساكر والحروب واختص الحسبان والديوان برتبة أخرى ويسمى متوليها بصاحب الاشغال ينظر فيها النظر المطلق في الدخل والخرج ويحاسب ويستخلص الأموال ويعاقب على التفريط وكان من شرطه أن يكون من الموحدين وأختص عندهم القلم أيضا بمن يجيد الترسيل ويؤتمن على الاسرار لان الكتابة لم تكن من منتحل القوم ولا الترسيل بلسانهم فلم يشترط فيه النسب واحتاج السلطان لاتساع ملكه وكثرة المرتزقين بداره إلى قهرمان خاص بداره في أحواله يجريها على قدرها وترتيبها من رزق وعطاء وكسوة ونفقة في المطابخ والاصطبلات وغيرهما وحصر الذخيرة وتنفيذ ما يحتاج إليه في ذلك على أهل الجباية فخصوه باسم الحاجب وربما أضافوا إليه كتابة العلامة على السجلات إذا اتفق أنه يحسن صناعة الكتابة وربما جعلوه لغيره واستمر الامر على ذلك وحجب السلطان نفسه عن الناس فصار هذا الحاجب واسطة بين الناس وبين أهل الرتب كلهم ثم جمع له آخر الدولة السيف والحرب ثم الرأي والمشورة فصارت الخطة أربع الرتب وأوعبها للخطط ثم جاء الاستبداد والحجر مدة من بعد السلطان الثاني عشر منهم ثم استبد بعد ذلك حفيده السلطان أبو العباس على نفسه وأذهب آثار الحجر
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»