تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٢٤٤
رضي الله عنه يقال لسبب مال أتى به أبو هريرة رضي الله عنه من البحرين فاستكثروه وتعبوا في قسمه فسموا إلى إحصاء الأموال وضبط العطاء والحقوق فأشار خالد بن الوليد بالديوان وقال رأيت ملوك الشام يدونون فقبل منه عمر وقيل بل أشار عليه به الهرمزان لما رآه يبعث البعوث بغير ديوان فقيل له ومن يعلم بغيبة من يغيب منهم فان من تخلف أخل بمكانه وإنما يضبط ذلك الكتاب فأثبت لهم ديوانا وسأل عمر عن اسم الديوان فعبر له ولما اجتمع ذلك أمر عقيل بن أبي طالب ومخرمة ابن نوفل وجبير بن مطعم وكانوا من كتاب قريش فكتبوا ديوان العساكر الاسلامية على ترتيب الأنساب مبتدأ من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بعدها الأقرب فالأقرب هكذا كان ابتداء ديوان الجيش وروى الزهري بن سعيد بن المسيب أن ذلك كان في المحرم سنة عشرين وأما ديوان الخراج والجبايات فبقي بعد الاسلام على ما كان عليه من قبل ديوان العراق بالفارسية وديوان الشام بالرومية وكتاب الدواوين من أهل العهد من الفريقين ولما جاء عبد الملك بن مروان واستحال الامر ملكا وانتقل القوم من غضاضة البداوة إلى رونق الحضارة ومن سذاجة الأمية إلى حذق الكتابة وظهر في العرب ومواليهم مهرة في الكتاب والحسبان فامر عبد الملك سليمان بن سعد والي الأردن لعهده أن ينقل ديوان الشام إلى العربية فأكمله لسنة من يوم ابتدائه ووقف عليه سرحون كاتب عبد الملك فقال لكتاب الروم اطلبوا العيش في غير هذه الصناعة فقد قطعها الله عنكم. وأما ديوان العراق فامر الحجاج كاتبه صالح بن عبد الرحمن وكان يكتب بالعربية والفارسية ولقن ذلك عن زادان فروخ كاتب الحجاج قبله ولما قتل زادان في حرب عبد الرحمن ابن الأشعث استخلف الحجاج صالحا هذا مكانه وأمره أن ينقل الديوان من الفارسية إلى العربية ففعل ورغم لذلك كتاب الفرس وكان عبد الحميد بن يحيى يقول الله در صالح ما أعظم منته على الكتاب ثم جعلت هذه الوظيفة في دولة بني العباس مضافة إلى من كان له النظر فيه كما كان شان بني برمك وبني سهل بن نوبخت وغيرهم من وزراء الدولة. وأما ما يتعلق بهذه الوظيفة من الأحكام الشرعية مما يختص بالجيش أو بيت المال في الدخل والخرج وتمييز النواحي بالصلح والعنوة وفي تقليد
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»