تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٢٢٦
ينزه القاضي عنها لعمومها وسهولة أغراضها فتدفع إلى صاحب هذه الوظيفة ليقوم بها فوضعها على ذلك أن تكون خادمة لمنصب القضاء وقد كانت في كثير من الدول الاسلامية مثل العبيديين بمصر والمغرب والأمويين بالأندلس داخلة في عموم ولاية القاضي بولي فيها باختياره ثم لما انفردت وظيفة السلطان عن الخلافة وصار نظره عاما في أمور السياسة اندرجت في وظائف الملك وأفردت بالولاية وأما السكة فهي النظر في النقود المتعامل بها بين الناس وحفظها مما يداخلها من الغش أو النقص إن كان يتعامل بها عددا أو ما يتعلق بذلك ويوصل إليه من جميع الاعتبارات ثم في وضع علامة السلطان على تلك النقود بالاستجادة والخلوص برسم تلك العلامة فيها من خاتم حديد اتخذ لذلك ونقش فيه نقوش خاصة به فيوضع على الدينار بعد أن يقدر ويضرب عليه بالمطرقة حتى ترسم فيه تلك النقوش وتكون علامة على جودته بحسب الغاية التي وقف عندها السبك والتخليص في متعارف أهل القطر ومذاهب الدولة الحاكمة فإن السبك والتخليص في النقود لا يقف عند غاية وإنما ترجع غايته إلى الاجتهاد فإذا وقف أهل أفق أو قطر على غاية من التخليص وقفوا عندها وسموها إماما وعيارا يعتبرون به نقودهم وينتقدونها بمماثلته فإن نقص عن ذلك كان زيفا والنظر في ذلك كله لصاحب هذه الوظيفة وهي دينية بهذا الاعتبار فتندرج تحت الخلافة وقد كانت تندرج في عموم ولاية القاضي ثم أفردت لهذا العهد كما وقع في الحبشة هذا آخر الكلام في الوظائف الخلافية وبقيت منها وظائف ذهبت بذهاب ما ينظر فيه وأخرى صارت سلطانية فوظيفة الامارة والوزارة والحرب والخراج صارت سلطانية نتكلم عليها في أماكنها بعد وظيفة الجهاد ووظيفة الجهاد بطلت ببطلانه إلا في قليل من الدول يمارسونه ويدرجون أحكامه غالبا في السلطانيات وكذا نقابة الأنساب التي يتوصل بها إلى الخلافة أو الحق في بيت المال قد بطلت لدثور الخلافة ورسومها وبالجملة قد اندرجت رسوم الخلافة ووظائفها في رسوم الملك والسياسة في سائر الدول لهذا العهد والله مصرف الأمور كيف يشاء
(٢٢٦)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»