والزبير لانتقاضهما على علي بعد البيعة له فيما نقل مع دفع التأثيم عن كل من الفريقين كالشأن في المجتهدين وصار ذلك إجماعا من أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول كما هو معروف ولقد سئل علي رضي الله عنه عن قتلى الجمل وصفين فقال والذي نفسي بيده لا يموتن أحد من هؤلاء وقلبه نقي إلا دخل الجنة يشير إلى الفريقين نقله الطبري وغيره فلا يقعن عندك ريب في عدالة أحد منهم ولا قدح في شئ من ذلك فهم من علمت وأقوالهم وأفعالهم إنما هي عن المستندات وعدالتهم مفروغ منها عند أهل السنة إلا قولا للمعتزلة فيمن قاتل عليا لم يلتفت إليه أحد من أهل الحق ولا عرج عليه وإذا نظرت بعين الانصاف عذرت الناس أجمعين في شأن الاختلاف في عثمان واختلاف الصحابة من بعد وعلمت أنها كانت فتنة ابتلى الله بها الأمة بينما المسلمون قد أذهب الله عدوهم وملكهم أرضهم وديارهم ونزلوا الأمصار على حدودهم بالبصرة والكوفة والشام ومصر وكان أكثر العرب الذين نزلوا هذه الأمصار جفاة لم يستكثروا من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ولا ارتاضوا بخلقه مع ما كان فيهم من الجاهلية من الجفاء والعصبية والتفاخر والبعد عن سكينة الايمان وإذا بهم عند استفحال الدولة قد أصبحوا في ملكة المهاجرين والأنصار من قريش وكنانة وثقيف وهذيل وأهل الحجاز ويثرب السابقين الأولين إلى الايمان فاستنكفوا من ذلك وغصوا به لما يرون لأنفسهم من التقدم بأنسابهم وكثرتهم ومصادمة فارس والروم مثل قبائل بكر بن وائل وعبد القيس بن ربيعة وقبائل كندة والأزد من اليمن وتميم وقيس من مضر فصاروا إلى الغض من قريش والأنفة عليهم. والتمريض في طاعتهم والتعلل في ذلك بالتظلم منهم والاستعداء عليهم والطعن فيهم بالعجز عن السوية والعدل في القسم عن السوية وفشت المقالة بذلك وانتهت إلى المدينة وهم من علمت فأعظموه وأبلغوه عثمان فبعث إلى الأمصار من يكشف له الخبر بعث ابن عمر ومحمد بن مسلمة وأسامة بن زيد وأمثالهم فلم ينكروا على الأمراء شيئا ولا رأوا عليهم طعنا وأدوا ذلك كما علموه فلم ينقطع الطعن من أهل الأمصار وما زالت الشناعات تنمو ورمي الوليد بن عقبة وهو على الكوفة بشرب الخمر وشهد عليه جماعة منهم وحده عثمان وعزلة ثم جاء إلى المدينة
(٢١٥)