تشريفية حتى يستشعر منها انقيادهم وطاعتهم وحسن ولايتهم مثل شرف الدولة وعضد الدولة وركن الدولة ومعز الدولة ونصير الدولة ونظام الملك وبهاء الدولة وذخيرة الملك وأمثال هذه وكان العبيديون أيضا يخصون بها أمراء صنهاجة فلما استبدوا على الخلافة قنعوا بهذه الألقاب وتجافوا عن ألقاب الخلافة أدبا معها وعدولا عن سماتها المختصة بها شأن المتغلبين المستبدين كما قلناه ونزع المتأخرون أعاجم المشرق حين قوي استبدادهم على الملك وعلا كعبهم في الدولة والسلطان وتلاشت عصبية الخلافة واضمحلت بالجملة إلى انتحال الألقاب الخاصة بالملك مثل الناصر والمنصور وزيادة على ألقاب يختصون بها قبل هذا الانتحال مشعرة بالخروج عن ربقة الولاء والاصطناع بما أضافوها إلى الدين فقط فيقولون صلاح الدين أسد الدين نور الدين. وأما ملوك الطوائف بالأندلس فاقتسموا ألقاب الخلافة وتوزعوها لقوة استبدادهم عليها بما كانوا من قبيلها وعصبيتها فتلقبوا بالناصر والمنصور والمعتمد والمظفر وأمثالها كما قال ابن أبي شرف ينعى عليهم مما يزهدني في أرض أندلس * أسماء معتمد فيها ومعتضد ألقاب مملكة في غير موضعها * كالهر يحكي انتفاخا صورة الأسد وأما صنهاجة فاقتصروا عن الألقاب التي كان الخلفاء العبيديون يلقبون بها للتنويه مثل نصير الدولة ومعز الدولة واتصل لهم ذلك لما أدالوا من دعوة العبيديين بدعوة العباسيين ثم بعدت الشقة بينهم وبين الخلافة ونسوا عهدها فنسوا هذه الألقاب واقتصروا على اسم السلطان وكذا شأن ملوك مغراوة بالمغرب لم ينتحلوا شيئا من هذه الألقاب إلا اسم السلطان جريا على مذاهب البداوة والغضاضة ولما محي رسم الخلافة وتعطل دستها وقام بالمغرب من قبائل البربر يوسف بن ناشفين ملك لمتونة فملك العدوتين وكان من أهل الخير والاقتداء نزعت به همته إلى الدخول في طاعة الخليفة تكميلا لمراسم دينه فخاطب المستظهر العباسي وأوفد عليه بيعته عبد الله بن العربي وابنه القاضي أبا بكر من مشيخة إشبيلية يطلبان توليته إياها على المغرب وتقليده ذلك فانقلبوا إليه بعهد الخلافة له على المغرب واستشعار زيهم في لبوسه ورتبته وخاطبه فيه يا أمير المؤمنين تشريفا واختصاصا فاتخذها لقبا ويقال إنه كان دعي له بأمير
(٢٢٩)