فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٦٣١
* إلى أن ألمت بي من الفضل نفحة * فأصبحت عن كل الشواغل مصروفا * * وفارقت إخوان الصفا متجنبا * وثقفت نفسي في الرياضة تثقيفا * * ودمت على حسن العبادة عاكفا * وأصبح حسن الظن حولي معكوفا * * فأورثني عزا لدى الناس عفتي * فصرت بأفواه المحبة مرشوفا * * فلما أبت إلا النكاح خواطري * تجشمت أمرا غادر الدمع مذروفا * * ولم أر بدا من معاشرة الورى * فعاشرت قوما لا يغيثون ملهوفا * * فأبغضني من كان منهم يحبني * وأوسعني لوما شديدا وتعنيفا * * وأعرض من ودي حميم وصاحب * وأرجف في الحاسدون الأراجيفا * * كأني قد أظهرت للناس بدعة * وأحدثت للدين الحنيفي تحريفا * * على أنني لم أبد للناس صفحتي * وما زلت في ثوب الصيانة ملفوفا * * فما صح لي فقر وما صح لي غنى * بل ازددت في علم التقلب تعريفا * * وعدت أجيل الفكر فيمن أعده * يكون به ما بي من الضيم مكشوفا * * فلم أر لي كالصالحين وسيلة * ألذ الورى عرفا وأطيب معروفا * * رجال إذا ما طبق الأرض حادث * رموه بصدق العزم فانجاب مكسوفا * * أتتهم عليات الأمور مطيعة * وأضحى بهم قلب المكارم مشغوفا * * هم القوم لا يشقى الجليس لديهم * ولم يعدموا العافين بشرا وتضييفا * * هم العروة الوثقى وهم أنجم الهدى * بهم يحفظ الله المهامه والسيفا * * أعزاء محروس الجناب فناؤهم * تخطف من ناواهم الذل تخطيفا * * إذا ظهروا للدهر أورق عوده * وأصبح مجنى المحاسن مقطوفا * * وإن هجروا المأنوس أصبح مقفرا * وإن نزلوا بالقفر تحسبه ريفا * * إذا وجدوا في الوقت كانوا طرازه * وقد طرزا من قبل ذاك التصانيفا * * صفاتهم أسنى من الشمس في الضحى * وأحسن من در المراسيل مصفوفا * وقال رحمه الله تعالى يعاتب نفسه * يا قسوة القلب ما لي حيلة فيك * ملكت قلبي فأضحى شر مملوك * * حجبت عني إفادات الخشوع فلا * يشفيك ذكر ولا وعظ يداويك * * وما تماديك من كسب الذنوب * ولكن الذنوب أراها من تماديك * * لكن تماديك من كسب نشأت به * طعام سوء على ضعفي يقويك *
(٦٣١)
مفاتيح البحث: الكسب (2)، الظنّ (1)، الطعام (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 626 627 628 629 630 631 632 633 634 635 637 ... » »»