فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٥٣٣
بالخلافة يوم الجمعة لعشر خلون من الحجة سنة أربعين وستمائة وبويع بعده لولده الأكبر أبى أحمد المستعصم ولما استقر الإمام المستنصر نشر العدل وبث المعروف وزاد أبواب الخيرات وقرب أهل العلم والزهاد والصالحين وبنى المدارس والمساجد والربط والمشاهد ودور الضيافة والبيمارستانان وكف الفتن واعتنى بطرق الحاج وإصلاح آبارها وبنى بالمدينة ومكة دورا للمرضى وأرسل إليها ما تحتاج من العقاقير والمركبات من الأدوية وجمع العساكر وقدم بأمر الجهاد وأذعنت لطاعته ملوك الأرض وبيعت كتب العلم في أيامه بأغلى الأثمان لميله إلى اقتنائها ورغبته في تحصيلها وإكبابه على مطالعتها ووقفها على أهل الفضل وصنف الفضلاء في دولته بدائع المصنفات في فنون العلم تقربوا بإهدائها إليه وكان أبيض أشقر الشعر ضخما قصيرا وكان جده الإمام الناصر يقربه ويسميه القاضي لعقله وهديه وإنكاره المنكر قال ابن واصل وبنى على دجلة من الجانب الشرقي فيما يلي دار الخلافة مدرسة ما بنى على وجه الأرض مثلها وهي بأربع مدرسين على المذاهب الأربعة وعمل فيها بيمارستان كبيرا ورتب فيها مطبخا ومزملة لفقراء ورتب لهم حماما وبالحمام قومه واستخدم عساكر عظيمة تزيد على مائة ألف وعشرين ألف فارس وهزم التتار وكان قد بلغ ارتفاع وقف المستنصرية نيفا وسبعين ألف مثقال ولما اهتم رضي الله عنه بجمع الجند من أقطار الأرض لدفع التتار اتفق جماعة من التجار وجمعوا مالا خطيرا وسألوا الإنعام عليهم بقبوله وإنفاقه على الغزاة ودفعوا المال إلى الدوادارفأمر بأن يرد عليهم المال وقال جزاكم الله الخير يكفينا منكم الدعاء وفي خزائننا ما يغنى عن ذلك وكان له جارية يحبها اسمها فضة فمن شعره فيها * قالوا أمثل أمير المؤمنين له * عقل يقسم بين الملك والغزل * * فقلت ما جئت بدعا في الغرام ولا * أخذت إلا بحظ من حلى الرسل * * وما يضيع الهوى عقلا يكون له * فضلا إلى الرأي والتدبير للدول * وحكى أن محيي الدين بن الجوزي حضر عنده بعض الصالحين وشكا إليه
(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»