وعشرون سنة وشهور وصلى عليه أخوه الرشيد ودفن بالقصر الأبيض الذي كان عمله وكانت خلافته سنة وشهرا واحدا وعشرين يوما وأمه أم ولد يقال لها الخيزران وكان شجاعا بطلا أديبا جوادا صعب المرام يلهو ويلعب ويركب حمارا فارها ولا يقيم أبهة الخلافة وكان فصيحا قادرا على الكلام تعلوه هيبة وله سطوة أعطى لإبراهيم الموصلي سبعمائة ألف درهم يقال إن أمه الخيزران سمته لأنه طالب أخاه الرشيد أن يخلع نفسه من العهد ويقدم ولده وكان موسى قد سماه الناطق بالحق فامتنع فهم بقتله مرارا فكانت أمهما الخيزران تدافع عنه ولعظمها في دولة المهدي كان كبراء الدولة يغشون بابها للحوائج فأغضب الهادي ذلك وقال لها ما هذه المواكب التي تغدو لبابك وتروح إنما للمرأة بيتها ومغزلها وسجادتها وسجتها ثم أنفذ لها أرزا مسموما ففطنت له ولم تأكله وأخذت في الاحتيال عليه وسمته فمات وفي ليلة مات ولد خليفة وولى خليفه توفي الهادي وولي الرشيد وولد المأمون هو أول من وصل بمائة ألف درهم لأنه اعطى سلما الخاسر مائة ألف درهم وكان أسمح بني العباس بالمال وحكى أنه كان في بستان له يتفرج وهو راكب حمارا فجيء إليه برجل قد وجب عليه القتل وشرطيان يمسكانه عن يمينه ويساره فأفلت منهما واخترط سيف أحدهما وأقبل به على الهادي فصاح الهادي وقد أيقن بالموت ويلك اضرب عنقه يوهم أن وراءه أحدا فلوى عنقه فوثب من حماره عليه وضرب به الأرض وأخذ السيف من يده وذبحه به وعاد الشرطيان وأصحابه الذين كانوا قد هربوا فلم يعتبهم بحرف واحد وقتل جاريتين بلغه عنهما ما أوجب ذلك عنده وشاع عنه ما فعل بهما وكثر الكلام في ذلك فقال * يلومني من جهل الأمرا * فكيف إن لم يسمع العذرا * * يزعم أني آثم والذي * فعلته أرجو به الأجرا *
(٥٣٦)