* فما زلت أسعى بين صنج ومزهر * من الراح حتى كادت الشمس تغرب * وسقط لمطيع حائط فقال له بعض أصحابه أحمد الله على السلامة فقال احمده أنت الذي لم ترعك هدته ولم يصل إليك غباره ولم تغرم أجرة بنائه وهو الذي يقول في نخلتي حلوان * أسعداني يا نخلتي حلوان * وابكيا لي من ريب هذا الزمان * * واعلما أن ريبة لم يزل يف * رق بين الألاف والأقران * * ولعمري لو ذقتما ألم الفر * قة أبكاكما الذي أبكاني * * أسعداني وأيقنا أن نحسا * سوف يقاكما فتفترقان * فلما خرج هارون الرشيد إلى طوس هاج به الدم بحلوان فوصف له الحكيم أكل جمار النخل فلم يكن بحلوان إلا تلك النخلتان اللتان في العقبة فقطعوا له رأس أحداهما وأتى به إليه فأكل منه فلما بلغ إلى العقبة نظر إلى القائمة وإذا عليها مكتوب هذه الأبيات فاغتم لذلك وبكى وقال والله لو سمعت بهذا الشعر ما قطعتها ولو قتلني الدم ويعز على أن أكون النحس الذي فرق بينهما وقال إبراهيم بن القاسم الكاتب المعروف بالرقيم النديم في كتاب قطب السرور إن مطيع بن إياس ويحيى بن زياد وحماد عجرد كانوا يجتمعون عند أبي الإصبغ المقين وكان له عدة جوار قيان وكان فتيان الكوفة يألفون منزله وينفقون عنده وكان هؤلاء الأدباء يغشون منزله لجاريه يقال لها حوذانة مليحة الغناء حسنة الوجه بارعة الظرف والأدب وكان لأبي الأصبغ ابن يقال له الأصبغ ولم يكن بالعراق أحسن منه وكان غالب أهل بغداد يتعشقونه ولا يقدرون عليه وكان يحيى بن زياد كثير الإفضاء على أبي الأصبغ وعزم أبو الأصبغ على أن يصطبح يوما مع يحيى بن زياد فأهدى إليه يحيى من الليل جداء ودجاجا وفراخا وفاكهة وشرابا وقال أبو الأصبغ لجواريه إن يحيى يزورنا فأصلحن له ما يشبه مثله فلما فرغ من الطعام لم يجد رسولا يرسله إلى يحيى لأنه وجه بغلمانه في حوائجه فوجه ابنه الأصبغ وقال له لا تبرج أو
(٥١٧)