فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ١٣٥
فهو ما يخالفني إن شاء الله تعالى فقال له يا مولانا أنا والله فقير الحال ولي عائلة ورجل كبير والله ما معي درهم ولا ما أتعشى به وبكى وقال أنا قاض من قضاة البر وكأن بعض من يحسدني وشى بي عنده ونقل إليه بأنني أرتشي وحمله علي فاستحضرني وعزلني والله ما لي درهم واحد ولا دابة أحضر عليها أهلي وقصدت أن أجلس بين الشهود فما مكنني فقيل لي إن علاء الدين بن غانم واسطة خير وله عليه إدلال عظيم ودلوني إلى هذا المكان وبكى فقال له اقعد هنا لأكشف لك خبر ابن غانم وأرجو من الله إصلاح أمرك فأجلسه وانطلق من وقته فدخل على ابن صصري وكلمه بإدلاله بحيث قال له أنت قاسي القلب وأنت أنت فقال له ما الخبر فقال هذا القاضي الفلاني أي شيء ذنبه حتى عزلته فقال من صفته كذا وكذا وقيل عنه كذا وكذا فقال والله كذب عليه وأنا والله ما أعرفه ودل علي وحلف أنه ما ارتشى قط ولا له ما يتعشى به ورق قلبي له ووالله العظيم لا خرجت من عندك حتى توليه وظيفته وتكتب تقليده وتكتب عدوه فقال هذا ما يمكن وما لي عادة إذا عزلت أحدا أعود إليه فقال والله ما أخرج حتى توليه وإن لم تسمع مني لا عدت أكلمك أبدا فلم يزل حتى ولاه من ساعته وكتب تقليده وأشهد عليه بذلك فقال وتعطيه عمامتك وفرجيتك خلعة عليه فلم يمكنه مخالفته ثم قال وتكتب له على الصدقات خمسمائة درهم ففعل ذلك جميعه وأتى إلى منزله فأخذ ثوبا ودلقا له ووضع الجميع في بقجة وأتى إليه وهو ينتظره فحين رآه قال له إيش قال لك ابن غانم فأخرج التوقيع وكان في ذهنه أن يسعى له في الجلوس بين الشهود فلما قرأ التوقيع كاد يموت فرحا ثم أعطاه العمامة والفرجية والخمسمائة وقال هذا من قاضي القضاة وهذا الدلق والغلالة مني فأكب على يديه يقبلهما فلم يمكنه وقال أنا والله ما عملت معك هذا إلا لله تعالى فابتهل بالدعاء له وله من هذا وأشباهه ما لا يكاد ينضبط ولو بسطت مناقبه لطال الفصل وكان وقورا مليح الهيئة منور الشيبة ملازم الجماعة مطرح الكلف حدث عن ابن عبد الدايم والزين خالد وابن النشبي وجماعة وكان بيته رحمه الله تعالى مأوى كل غريب وبابه نقصد كل ملهوف وله النظم والنثر
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»