فألقت العساكر بأنفسها خلفه ووقع على التتار فقتل منهم مقتلة عظيمة وأسر مائتي نفس وفي ذلك قال محيي الدين بن عبد الظاهر * تجمع تجيش الشرك من كل فرقة * وظنوا بأنا لا نطيق لهم غلبا * * وجاءوا إلى شاطي الفرات وما دروا * بأن جياد الخيل تقطعها وثبا * * وجاءت جنود الله في العدد التي * تميس لها الأبطال يوم الوغى عجبا * * فعمنا بسد من حديد سباحة * إليهم فما اسطاع العدو له نقبا * وقال بدر الدين يوسف بن المهمندار * لو عاينت عيناك نزالنا * والخيل تطفح في العجاج الأكدر * * وقد اطلخم الأمر واحتدم الوغى * ووهى الجبان وساء ظن المجترى * * لرأيت سدا من حديد ما يرى * فوق الفرات وفوقه نار ترى * * طفرت وقد منع الفوارس مدها * تجري ولولا خيلنا لم تطفر * * ورأيت سيل الخيل قد بلغ الزبى * ومن الفوارس أبحرا في أبحر * * لما سبقنا أسهما طاشت لنا * منهم إلينا بالخيول الضمر * * لم يفتحوا للرمى منهم أعينا * حتى كحلن بكل لدن أسمر * * فتسابقوا هربا ولكن ردهم دون الهزيمة رمح كل غضنفر * * ما كان أجرى خيلنا في إثرهم * لو أنها برءوسهم لم تعثر * * كم قد فلقنا صخرة من صخرة * ولكم ملأنا محجرا من محجر * * وجرت دماؤهم على وجه الثرى * حتى جرت منها مجاري الأنهر * * والظاهر السلطان في آثارهم * يذرى الرؤوس بكل عضب أبتر * * ذهب الغبار مع النجيع بصقله * فكأنه في غمده لم يشهر * وقال ناصر الدين حسن بن النقيب * ولما تراءينا الفرات بخيلنا * سكرناه منا بالقرى والقوائم * * فأوقفت التيار عن جريانه * إلى حيث عدنا بالغنى والغنائم *
(٢٥٤)