الظاهر ونقلت ذلك من خطه كان القاضي الفاضل يبكر كل يوم سحرة إلى مصر فيقف على باب الموفق بن قادوس حتى يركب ويسايره إلى القاهرة ويذاكره ويستفيد منه فإذا وصل إلى القصر مضى لمنزله وأقام إلى الظهر ثم يركب ويقف على باب القصر فإذا خرج صحبه إلى مصر قال ورأيت أوراقا سود القاضي الفاضل في ظهرها شيئا من كلامه وشعره وهي استدعاءات بجلبان لعلوفات الحمام الرسائلي بالإسكندرية وصورة خطه بصحة المستدعى به وكتب عبد الرحيم ابن القاضي الأشرف وخطه بذلك عندي وعندي بخطه في إجارة استأجر فلان ابن فلان من ديوان الرباع السلطانية بثغر الإسكندرية وفي آخرها الشهادة على المستأجر وكتب عبد الرحيم ابن القاضي الأشرف وهو كان يباشر هذا الديوان فالإجارة منه والشهادة على المستأجر بخطه وهذا فيه نظر قلت ما في هذا نظر لاحتمال أن يكون الناظر غيره وهو الذي آجر المستأجر والفاضل كان شاهد الديوان وقال محيي الدين كلاما آخره أن الوزير شاور لما وزر الوزارة الثانية استخدم الفاضل في ديوان المكاتبات شريكا للشيخ الموفق أبي الحجاج يوسف بن الخلال وقال الصاحب كمال الدين بن) العديم وقال لي القاضي بهاء الدين ابن شداد قاضي حلب دخلت على القاضي الفاضل أول دخولي عليه داره ومعي العماد الكاتب فلما خرجنا قال لي العماد كيف رأيت القاضي الفاضل قلت رأيت رجلا قد أتاه الله أربعة أسباب السعادة وهي تدعو الناس إلى الميل إليه والاشتمال عليه وأتاه الله العلم فإنه كان عالما مطلعا على سائر العلوم آخذا من كل نوع منها بأوفر سهم لا يجتمع به صاحب علم إلا ويخوض معه في علمه وذلك من أسباب السعادة لأن الناس يميلون إلى إرشاد علمه الثاني وهو كذلك فإنه كان من أكثر الناس ورعا وكان وقته لا يخليه من تلاوة قرآن أو التسبيح وإن اتفق من يكلمه في حاجة كلمة ثم عاد إلى ما كان عليه وهذا أيضا يدعو الناس إليه فإنهم يميلون إلى ذي الدين والثالث الجاه وكان من أوفر الناس جاها عند السلطان الملك الناصر وأقربهم منزلة وكان أعظم الناس ميلا إليه والرابع المال وكان كثير المال جدا حتى أن وكيله ابن سناء الملك قال كان دخله في كل يوم خمسين دينارا وقال القاضي جمال الدين ابن شيث على ما شاهدته مسطورا قال كان للقاضي الفاضل رحمه الله بمصر ربع عظيم يؤجر بمبلغ كبير فلما عزم على الحج ركب ومر به ووقف عليه
(٢٠٧)