الله عليه وسلم أن يتزوج في الأنصار إلا رغبة عنهم، ولقد أصهر إلى غيرهم من العرب. فقال أبو هاشم: أو كل من لم يصهر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب يشينه ذلك ويسب به، فها نحن بني (1) هاشم لم يتزوج فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفذاك سبة علينا؟ ولقد حدثني الثقة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال: ما حي من العرب أحب إلي من الأنصار، ولولا أن في الأنصار غيرة شديدة أكره لها نساءهم لأصهرت إليهم، فكانوا أحب من أصهر إليه. فقال له الوليد: لأنك لشديد النصر للأنصار يا أبا البنات، ولم يكن لأبي هاشم ولد ذكر. فقال أبو هاشم: ما البنات بعار على ذي البنات، فقد كان نبي الله لوط أبا بنات، وكان نبي الله شعيب أبا بنات، وكان خير البرية محمد (2) صلى الله عليه [81 أ] وسلم أبا بنات، فبهم الأسوة لا بمن أذكر فلم يشكر. فعنت الوليد من قوله، ورأى أنه قد استخف به في جوابه، وعرض به، فقال: إنك للخصم (3) الألد، ارحل عن جواري. فقال أبو هاشم: أرحل والله عن جوارك فما الشام لي بوطن ولا أعرج فيها على شجن، ولقد أطلت فيها حبسي، وكثر فيها ديني، وقلت بها فائدتي، وما أنا لك بحامد، ولا إن أعفيتني إليك بعائد. فبلغنا أنه قال له: فإني قد أعفيتك إلى يوم الحشر، فخرج عنه أبو هاشم. وكان الوليد أول ملوك بني أمية تكبر في نفسه، وسار في الناس بالجبرية والخيلاء، خلا ما كان عليه من كان قبله، وما كان الناس يكلمون به معاوية ويزيد وعبد الملك من دعائهم بأسمائهم، وانتصافهم منهم في
(١٧٧)