أهدى إليه مارية والبغلة الشهباء، التي كانت تدعى دلدلا، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ولاؤه بعده للعباس بن عبد المطلب، وكان عريف من في ديوان بني هاشم، وكان من [82 ب] قدم الشام من بني هاشم ينزلون عليه، وكان منصور بن زياد الكاتب يزعم أنه مولى فضالة بن معاذ.
وألفى محمد بن علي أبا هاشم نازلا على فضالة، وهو ينتظر رفقة تخرج فيخرج معها، إلى أن تهيأ لمحمد بن علي فراغه من حوائجه فحضر شخوصه، فشخصا جميعا: محمد بن علي يريد منزله بالبلقاء، وأبو هاشم يريد المدينة، ومع أبي هاشم عدة من أصحابه فيهم رجل يقال له سلمة بن بجير من بني مسلية من رهط عامر (1) بن إسماعيل، وكان من أخص أصحاب أبي هاشم به، وكان أبوه بجير بن عبد الله من ذوي البصائر من أصحاب محمد بن الحنفية، وكان قد خرج مع المختار، فكان من أشد من كان معه في قتل قتلة الحسين وآل محمد، ولم يزل مع المختار حتى حصر في قصر الكوفة.
وكان المختار قد أراد أصحابه على أن يخرجوا إلى مصعب وأصحابه فيقاتلوا (2) حتى يقتلوا، فأبوا عليه ذلك فقال (3) لهم: إني خارج إليهم فمقاتلهم حتى أقتل، ولو قتلوني لم تزدادوا إلا ذلا وضعفا، ويستنزلونكم على حكمهم، فإذا نزلتم على حكمهم، دفع كل رجل منكم إلى رجل منهم ممن قتلتم أباه وقريبه، فيقتلونكم. ولما قتل المختار، وبقي من بقي من أصحابه في القصر في حصارهم، قال لهم بجير بن عبد الله المسلي: قد كان صاحبكم أشار عليكم [83 أ] بالرأي لو قبلتموه، يا قوم! إنكم إن نزلتم على حكم القوم ذبحتم كما تذبح الغنم، فاخرجوا بأسيافكم فقاتلوا حتى تموتوا كراما،