بذلك، وقد أحببت أن يدخل علي أصحابي الذين رأيت. فقلت لعروة: أدخل من أحب، قال: فلان وفلان، حتى سمى من كان معه ممن ذكرنا اسمه، فلما أدخلوا عليه قال لهم: جزاكم الله خيرا، وصلتمونا وقد قطعنا الناس، وأحببتمونا وقد أبغضنا الناس، وهجرتم أوطانكم وتركتم معائشكم، ولزمتمونا على الكره والضراء، أسأل الله أن يجمع بيني وبينكم في [86 ب] جنة الخلد، إني كما ترون، والمريض أعلم بنفسه، وهذا صاحبكم يعني محمد بن علي فائتموا به وأطيعوه ترشدوا، فقد تناهت الوصايا إليه، وقد ألقيت ما ألقيت إليكم إلى أخي وأخيكم سلمة بن بجير، استودعتكم الله الذي لا تخيب الودائع عنده، ولا يضيع من فوض أمره إليه والسلام عليكم. فبكى القوم، وارتفعت أصواتهم بالبكاء فقال:
رحمكم الله أمسكوا عن الجزع، فكل حي هالك. قال سالم: قال أبو رباح: فظننا أنه حيث قال: قد القيت إليكم، أنه قد ألقى إليه، حيث شخص من دمشق وودعه وهو يناجيه بأمر أخفاه. فلما خرجوا قال أبو هاشم لمحمد بن علي: إنه قد تخلف عني رجل جبله الله على حبنا وهو لك ثقة في المشهد والمغيب، فالق إليه أمرك، وثق فيه فيما لا تثق فيه إلا بنفسك، فإني لم أكن أعدل به أحدا ممن رأيت، وإن كانوا أخيارا منتخبين، وهو سلمة بن بجير، الرجل الذي رأيتني أكرمه، ورأيته يقوم بأكثر أمري، وإنما تخلف في حاجتي، وهو يأتيك، فإذا أتاك فاقرأ عليه مني السلام، وقل له: جزاك الله الحي الذي لا يموت عني خيرا، ولم يلبث أبو هاشم أن هلك رحمه الله.
وقد زعم بعض الناس أن سبب موت أبي هاشم كان أن الوليد دس إليه، حين شخص عن دمشق، من سقاه شربة [87 أ] لبن مسموم فكان