كلامهم، وقام (1) بذلك خطيبا على منبره فقال: إنكم كنتم تكلمون من كان قبلي من الخلفاء بكلام الأكفاء وتقولون (2): يا معاوية ويا يزيد، وإني أعطي الله عهدا يأخذني بالوفاء به: لا يكلمني أحد منكم بمثل ذلك إلا أتلفت نفسه، فلعمري إن استخفاف الرعية براعيها في مثل ذلك سيدعوها إلى الاستخفاف بطاعته والاستهانة بمعصيته. فبلغنا أن رجلا من بني مرة قال:
اتق الله يا وليد فإن الكبرياء لله، فأمر به فتوطئ حتى مات، واتعظ الناس به وهابوه لذلك.
وأخبرنا داود مولى سعيد بن [81 ب] عبد الملك قال: سمعت سعيد ابن عبد الملك يقول: إن أول من افتتح الجبرية في بني أمية الوليد، قال يوما لأهل بيته وأنا معهم: لا يحدن الرجل منكم (3) إلي نظره في مجلس عامة كأني وإياه متكافئان، فيوشك الرجل الأثير (4) في نفسه عندي أن يفعل (5)، فلا يرجع إليه نظره.
وأخبرنا إسحاق بن الفضل الهاشمي، وكان من أعلم الناس بأمورهم، قال: دخل أبو هاشم عبد الله بن محمد ذات يوم لي الوليد، وعنده خالد ابن يزيد بن معاوية وهشام بن عبد الملك، فكلمه في أمر من أمره، ثم خرج.
فقال الوليد ما رأيت في بني هاشم رجلا أعدله به، وإنه لخليق لكل داهية، وإن كان الحزم عندي أن استودعه الحبس فيكون مثواه حتى يموت فيه، هل تجد يا أبا هاشم يعني خالد بن يزيد لهذا صفة في نقض علينا؟ قال خالد: