قال: وكان محمد بن علي يفد على الوليد أحيانا، ويغزو الصائف، ويرابط بالسواحل هو وأخوته وولده، فوفد على الوليد بن عبد الملك في آخر أيامه فألفى عنده أبا هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب ابن الحنفية.
وكان سبب (١) قدوم أبي هاشم على الوليد فيما ذكر إسحاق بن الفضل الهاشمي أن زيد بن الحسن <بن علي> (2) بن أبي طالب صارت إليه صدقات علي، وهو يومئذ أسن ولد علي من فاطمة، فنازعه فيها أبو هاشم ورافعه إلى قضاة المدينة، وكان فيما احتج به (3) أبو هاشم أن قال (4): أنا وأنت في النسب كفيان، وقد جعل علي وصيته في صدقته إلى ذوي الفضل من أكابر ولده، فأنا أكبر سنا منك، وأنا أعلم بالله وبكتابه وسنن نبيه صلى الله عليه وسلم منك، فعلام تحوز هذه المكرمة دوني، وإنما الوصية لعلي لا لفاطمة، فقبلت القضاة منه ذلك، ولم تدفعه (5) عنه. ولما توجه القضاء بالمدينة لأبي هاشم على زيد بن الحسن شخص زيد إلى دمشق وقدم على الوليد، فوشى بأبي هاشم، وذكر أن له شيعة من أصحاب المختار، وأنهم يأتمون به ويحملون صدقاتهم إليه. وزعم بعض من حكى حديث حبس أبي هاشم أن التشاجر بينه وبين زيد بن حسن بن علي قد كان تفاقم حتى شخص الوليد حاجا [79 ب] سنة إحدى وتسعين، فلما قدم المدينة حضره أبو هاشم وزيد بن حسن، فقال الوليد لأبي هاشم: لقد أسرع إليك الشيب، فقال أبو هاشم: إنه ليسرع إلى ذي السن، فقال زيد بن حسن بن علي: ذاك