فنعرض عليه ما ذكرت ونخبره بما اجتمعت عليه وترى رأيك، قال: فشأنك.
فذكر شيبان ذلك لعلي وقال له: علي بن معقل أقوى أيدينا، وإن خذلنا فتنحى عنا وصار مع نصر اشتدت شوكته. قال: فرو في هذا يوميك هذين ثم تعزم فلن نخالفك.
الموادعة فأرسل إلى أبي مسلم يخبره بذلك مع بكر بن هاني، فلما لقيه به قال له أبو مسلم: إن كنتم وكان صاحبكم على الحقيقة فيما أعطاني من نفسه فلست أكره [145 ب] أن يوادع نصرا على أن يشترط عليه أن يفرق جموعه ويؤكد عليه في ذلك. فلن (1) تزداد إلا كثرة ولن يزداد إلا قلة، وتخلو لك الطريق، ويأتيك أهل رأيك، ولا تكون بنصر قوة على مكاثرتك. قال أبو مسلم:
قد نصحتنا وعلى الله جزاؤك، والتوكيد عليه إليكم، فإني لا آمن غدر نصر وأن يثب علينا وعليكم إذا تفرقت جماعتكم. وانصرف بكر (2) فأخبر عليا بمقالة أبي مسلم، فلقي شيبان فقال له: قد رأينا الموادعة على أن يفرق نصر جموعه، ونفرق جموعنا، ويكون بيننا وبينه لنا عامل فيما يليه. فاصطلحوا على ذلك وكتبوا بينهم إلى انقضاء سنة ثلاثين ومئة، وعلى أن تكون الأعمال في أيديهم على حالها، وإلى من كان يليها أيام حربهم وغيرها، وعلى أن يجتمعوا على من اجتمع الناس إليه، وتكون أيديهم واحدة على من أرادهم