ليقبل بقلوب الآباء على أبنائهم، ويكونوا لله شعبا كاملا.
فقال زكرياء للملك: كيف لي أن أعلم هذا، وأنا شيخ، وامرأتي كبيرة السن؟ فقال له الملك: إني أنا جبريل القائم بين يدي الله، عز وجل، أرسلني لأبشرك بهذا، فمن الآن، فكن صامتا لا تتكلم حتى اليوم الذي يكون فيه هذا لأنك لم تصدق، ولم تؤمن بقولي الذي يتم في حينه.
وكان الشعب قياما ينتظرون زكرياء، ويتعجبون من لبثه في الهيكل، فلما أن خرج لم يقدر أن يكلمهم، فعرفوا، وأيقنوا أنه قد رأى رؤيا في الهيكل، فكان يومئ إليهم إيماء، ولا يتكلم.
فلما تمت أيام خدمته انصرف إلى بيته، وحبلت اليسبع امرأته، وأقامت تخفي نفسها أشهرا خمسة، وتقول: هذا الذي صنع إلي الرب في أيام نظره إلي ليمحو عني عاري في البشر.
ولما كان في الشهر السادس من حمل امرأة زكرياء أرسل الله جبريل الملك إلى جبل الجليل إلى مدينة تدعى ناصرة، إلى فتاة عذراء مملكة برجل يسمى يوسف من آل داود، اسمها مريم، فدخل إليها الملك، وقال لها: السلام عليك أيتها المملوءة من النعمة، أيتها المباركة في النساء! فلما رأته فزعت من كلامه، وجعلت تفكر، وتقول: ما هذا السلام؟ فقال لها الملك: لا ترهبي يا مريم!
قد لاقيت ووافيت عند الله نعمة، بحق إنك تقبلين حبلى، وتلدين ابنا، وسميه ايسوع، ويكون عظيما، وابن الأعلى يدعى، ويعطيه الرب إلهه كرسي داود أبيه، ويملك على آل يعقوب إلى الدهر، ولا يكون لملكه فناء، ولا انقطاع.
فقالت مريم للملك: كيف يكون هذا، ولم يمسسني رجل؟ قال لها الملك:
روح القدس يحل عليك، وهذا الذي يولد منك قدوس، وابن الله يدعى، وهذه اليسبع نسيبتك، فهي أيضا حبلى بابن، على كبرها، وهذا الشهر هو السادس لتلك التي تدعى عاقرا، لأنه لا يعجز الله شئ! فقالت مريم: إني أمة الله، فليكن لي كما قلت.