شط دجلة، ثم أخرجهم عن تكريت إلى بلاد الروم، فنزلوا بأنقرة من أرض الروم، ورئيسهم يومئذ كعب بن مامة، ثم خرجوا بعد ذلك، فجماهير قبائل إياد أربعة: مالك، وحذاقة، ويقدم، ونزار، فهذه بطون إياد، وفيهم يقول الأسود بن يعفر التميمي:
أهل الخورنق والسدير وبارق، * والقصر ذي الشرفات من سنداد الواطئون على صدور نعالهم، * يمشون في الدفني والأبراد عفت الرياح على محل ديارهم، * فكأنما كانوا على ميعاد نزلوا بأنقرة يسيل عليهم * ماء الفرات يجئ من أطواد بلد تخيرها، لطول مقيلها، * كعب بن مامة وابن أم دؤاد وذكر أبو دؤاد الأيادي بعض ذلك، وكان أبو دؤاد أشعر شعرائهم، وبعده لقيط بالعراق، فلما بلغه أن كسرى آلى على نفسه أن ينفي إيادا من تكريت، وهي من أرض الموصل، كتب صحيفة بعث بها إليهم، وفيها:
سلام في الصحيفة من لقيط * إلى من بالجزيرة من إياد فإن الليث يأتيكم بياتا، * فلا يشغلكم سوق النقاد أتاكم منهم سبعون ألفا، * يزجون الكتائب كالجراد وأما مضر بن نزار، فسيد ولد أبيه، وكان كريما حكيما، ويروى عنه انه قال لولده: من يزرع شرا يحصد ندامة، وخير الخير أعلجه، فاحملوا أنفسكم على مكروهها، فيما أصلحكم، واصرفوها عن هواها، فيما أفسدكم، فليس بين الصلاح والفساد إلا صبر ووقاية.
وروي أن رسول الله قال: لا تسبوا مضر وربيعة، فإنهما كانا مسلمين، وفي حديث آخر: فإنهما كانا على دين إبراهيم، فولد مضر بن نزار الياس