وفي زمانه ظهر السحر، والكهانة، والطيرة، وذبح الناس أولادهم للشياطين، وجعلت المكاييل والموازين.
وكانت حياة ناحور مائة وثمانيا وأربعين سنة، وكانت جبابرة ذلك العصر عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح، وكانوا قد انتشروا في البلاد، وكانت منازلهم بين أعالي حضرموت إلى أودية نجران، فلما عاثوا وعتوا بعث الله تبارك وتعالى هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح، فدعاهم إلى عبادة الله تعالى، والعمل بطاعته، واجتناب المحارم، فكذبوه، فقطع الله عنهم المطر ثلاث سنين، فوجهوا وفدا لهم إلى البيت الحرام يستسقي لهم، فأقاموا يطوفون بالبيت ويسعون أربعين صباحا.
ثم رفعت لهم سحابتان: إحداهما بيضاء فيها غيث ورحمة، والأخرى سوداء فيها عذاب ونقمة، وسمعوا صوتا يناديهم: اختاروا أيتهما شئتم!
فقالوا: اخترنا السوداء! فمرت، وهي على رؤوسهم، فلما قربت من البلاد قال لهم هود: إن هذه السحابة فيها عذاب قد أظلكم! فقالوا: بل هو عارض ممطرنا، فأقبلت ريح سوداء لا تمر بشئ إلا أحرقته، فما نجا منهم إلا هود، ويقال إنه نجا لقمان بن عاد، وعاش حتى عمر عمر سبعة نسور.
ولما مضت عاد صار في ديارهم بنو ثمود بن جازر بن ثمود بن ارم بن سام ابن نوح، وكانت ملوكهم تنزل الحجر، فلما عتوا بعث الله إليهم صالح بن تالح بن صادوق بن هود نبيا، فسألوه أن يأتيهم بآية، فأخرج الله لهم ناقة من الأرض معها فصيلها، فقال لهم صالح: إن لهذه الناقة يوما ترد فيه الماء، ولكم يوما، فاحذروا أن تصدوها عن الماء! فكذبوه، فقام رجل منهم يقال له قدار، فعقرها وضرب عرقوبها بالسيف، فارتفع فصيلها على نشز من الأرض، ثم رغا، فبعث الله عليهم العذاب، فما فلت منهم إلا امرأة يقال لها الذريعة، وضرب العرب بقدار المثل.