الجودي في المحرم، فصار أول الشهور يعده، وأهل الكتاب يخالفون في هذا.
ولما استوت على الجودي، وهو جبل بناحية الموصل، أمر الله تعالى ماء السماء فرجع من حيث جاء، وأمر الأرض فبلعت ماءها، فأقام نوح بعد وقوف السفينة أربعة أشهر، ثم بعث الغراب ليعرف خبر الماء، فوجد الجيف طافية على الماء، فوقع عليها ولم يرجع، ثم أرسل الحمامة، فجاءت بورقة زيتون، فعلم أن الماء قد ذهب، فخرج لسبع وعشرين من أيار، فكان، بين دخوله السفينة وخروجه، سنة كاملة وعشرة أيام، فلما صار إلى الأرض هو وأهله بنوا مدينة، فسموها ثمانين.
ولما خرج نوح من السفينة ورأى عظام الناس تلوح غمه ذلك وأحزنه، وأوحى الله إليه: إني لن أرسل الطوفان على الأرض بعدها أبدا. ولما خرج نوح من السفينة أقفلها بقفل ودفع المفتاح إلى سام ابنه، ثم زرع نوح، وغرس كرما، وعمر الأرض.
وإن نوحا يوما لنائم إذ انكشف ثوبه، فرأى حام ابنه سوأته، فضحك، وخبر أخويه ساما ويافثا، فأخذا ثوبا حتى أتياه به، ووجوههما مصروفة عنه، فألقيا الثوب عليه، فلما انتبه نوح من نومه، وعلم الخبر، دعا على كنعان بن حام، ولم يدع على حام، فمن ولده القبط والحبشة والهند.
وكان كنعان أول من رجع من ولد نوح إلى عمل بني قابيل، فعمل الملاهي والغناء والمزامير والطبول والبرابط والصنوج، وأطاع الشيطان في اللعب والباطل.
وقسم نوح الأرض بين ولده، فجعل لسام وسط الأرض، والحرم وما حوله، واليمن وحضرموت، إلى عمان، إلى البحرين، إلى عالج ويبرين، ووبار، والدو والدهناء، وجعل لحام أرض المغرب والسواحل، فولد كوش ابن حام، وكنعان بن حام النوبة والزنج والحبشة.
ونزل يافث بن نوح ما بين المشرق والمغرب، فولد له جومر، وتوبل، وماش، وما شج، ومأجوج، فولد جومر الصقالبة، وولد توبل برجان، وولد ماش