العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٤٩
والعجب كيف رأوا (1) تفضيل على على أبى بكر وعمر مديحا له.
وإنما كان يكون على عاليا رفيعا متقدما زاهدا عالما سائسا أن لو كان أفضل من فضلاء، وأعلم من علماء، وأعقل من عقلاء، وأزهد من زهاد، وأسوس من ساسة، فأما أن يكون أفضل من أنقص الناس، وأزهد من أرغب الناس، وخيرا من شر الناس، وأعلم من أجهل الناس، فليس في هذا التفضيل درك فيتكلفه متكلف، ويقوم به قائم.
والعجب من رجلين بينهما هذا التفاوت والتباين ثم شهد المتكلمين (2) من سمعهما يتنازعان فيهما، فيحسب الحاضر أن شرهما خيرهما، وهو الأريب الأديب الذاهب مع التعارف عن التناكر. وكيف التبس الامر وأشكل أن لم يكن الامر مشكلا ملتبسا.
وكيف يجوز أن يكون أبو بكر لم يزل كافرا، أو يكون كفر بجحده إمامة على وكفر معه المهاجرون والأنصار، وقد أجمع أصحاب الاخبار وحمال الآثار أن النبي صلى الله عليه قال: " إن من أمتي سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب " فقام عكاشة بن محصن فقال: يا رسول الله، دع الله يجعلني منهم. قال: أنت منهم. فقتل مع خالد بن الوليد يوم بزاخة في إمرة أبى بكر وطاعته والاقرار بخلافته، قتله طليحة بن خويلد الأسدي. فكيف يجوز أن تكون إمامة أبى بكر معصية فضلا على أن تكون كفرا والمقتول في طاعته والمنقاد لامره من أهل الجنة.
ثم تزعم الروافض أن من الدليل على أن عليا كان المحق دون طلحة والزبير، أن النبي صلى الله عليه [قال] وذكر زيد بن صوحان " زيد .

(1) في الأصل: " نأوا ".
(2) كذا وردت هذه العبارة.
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»