العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٤٥
على نفاق، لان الجماعة لا تنزل إلى فرقة، ولان الحجة لا تترك إلا بحجة.
فإن قالوا: فإن أبا بكر لم يشهد قط الشهادة، ولا صلى [إلى] القبلة.
قلنا: ما تقولون في رجل رأيناه كافرا في دار الكفر، ثم رأيناه بعد ذلك في دار الاسلام وفى زي أهله، وحكم الاسلام غال، ومعلوم أن من عادة أهله قتل من كفر، كيف يكون حكم ذلك الرجل؟
فإن قالوا: ولكنا نقف في مغيبه.
قلنا: اجعلوا أبا بكر ذلك الرجل.
فإن قالوا: فإن أبا بكر لم يزل يظهر الكفر في دار الاسلام، كما كان يظهر الكفر في دار الكفر.
قلنا: لابد لكفره من وجهين: إما أن يكون كان يظهره على عهده وذمة فلذلك لم تقتلوه، أو يكون كان على غير عهد وذمة.
فإن ادعوا أن كفره كان على عهد وذمة كما جعل الله ورسوله للنصارى ولليهود، خرجوا إلى ما لا نحتاج مع فحشه إلى الكلام فيه. وإن زعموا أنه كان على غير عهد وذمة وحكم الاسلام ظاهر، فما أشبه هذا القول بالقول الأول.
ويقال لهم: خبرونا عن أبي بكر، هل يخلو من أن يكون لم يقل قط في دار الاسلام: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أو يكون قد قال ذلك مرة واحدة؟
فإن زعموا أنه قد قالها مرة واحدة ثم تركها، قيل لهم: فقد أقررتم وجامعتم خصومكم على أنه قد شهد الشهادة، فليس لكم أن
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»