وأظهر، وقد وجدوا الله لم يصنع ذلك فيما هو أغمض وأشكل. كالذي وصفنا قبل هذا من الكلام في التعديل والتجوير، والتشبيه، ومجئ الاخبار.
وقد علموا مع ذلك أن أكثر الناس لم يؤتوا في هلكتهم إلا من قبل سرف شهواتهم، وغلبة طبائعهم.
وكيف لم يحكموا على الله بغير ما وجدوا من رفع مؤونتها، وقمع دواعيها، حتى لا يلحج الناس طبائعهم، ولا تورطهم شهواتهم، وإنما يحكم بهذا وأشباهه على الله من لا علم له بالله وتدبيره، لان الله لو أسقط عن الناس كل ما أثقل ظهورهم، واستبشعته نفوسهم، وخالف أهواءهم لسقط الامتحان، وبطل الاختبار (1)، إذ لم يكن هناك حلاوة تجتنب ومرارة تركب، ولذيذ يؤخر، وكريه يقدم.
وإن ذهب السائل إلى غير هذا الوجه، وزعم أنه إنما قال إن الله قد نص على إمامة على لان الخبر به جاء المجئ الذي لا يكذب مثله.
ولولا أن الخبر صحيح (2) جاز عنده أن يكون الله يطوقهم النظر (3).
ويضع لهم الدلالة، ولا ينصهم (4) على شئ ولا يفسره لهم، كفعله فيما هو أدق وأخفى، وأعظم إثما وأشد خطرا.
قيل لهم: إنكم وإن سمعتم فلستم بأعلم بالاخبار من غيركم.
ولئن كنتم مجيبين بخبر قد سمعناه معكم فلم يحجنا كما حجكم، إنه لعجب. وإن كان الخبر قد حج جميع من خالفكم مع كثرتهم، وأطبقوا على كتمانه وجحده واتفقوا عليه، إن هذا لاعجب.