قال حدثنا عبد الله بن أسلم عن عاصم بن عبد الله عن ابن إسحاق الأموي عن يزيد ابن أبي حبيب عن راشد مولاه قال لما عول عياض بن غنم الأشعري على المسير إلى رأس العين إلى قتال الملك شهر ياض بعث قبل مسيره أشعث بن عويلم وعبد الله بن غسان إلى القلعتين المعروفتين بزبا وزلوبيا فقال عبد الله يوقنا لعياض بن غنم اعلم أيها الأمير ان هاتين القلعتين اللتين ذكرتهما حصينتان منيعتان إحداهما من الجانب الشرقي والأخرى من الجانب الغربي وهما كانتا تحت ولايتي وان صاحبهما كان من قبلي وهو أحد بني عمي واسمه اشفكياص بن مارية كني باسم أمه وكنت قد زوجته ابنتي فأخذت في صداقها الحصن الشرقي من الفرات وقد رأيت أنك تأمرني بالتقدم على هذين الحصنين حتى أحل في القلعة الغربية فان فتحتها كانت الأخرى في قبضتنا فقال له لله درك يا عبد الله لقد نصحت الإسلام وأهله فجزاك الله خيرا أحسن ما جازى بهأولياء سر على بركة الله وعونه فإذا استقر بك المكان ثلاثة أيام أنفذت إليك شعيبا وعبد الله ومن معهما من المسلمين وبعد الفتح إن شاء الله تنزلون الينا فقال يوقنا استعنا بالله وتوكلنا عليه ثم إنه أخذ معه من صناديد جماعته مائة ولم يأخذوا معهم ثقلا سوى جنيب من الخيل واحد وسار من أول الليل وترك عياض بن غنم علي الباسل فجدوا السير بقية ليلتهم فلما كان قبل الفجر أشرفوا على الخانوقة فوجدوا فيها ألفا من الأرمن وهم بالعدة الكاملة فلما أشرف عليهم يوقنا ومن معه وهم يتحدثون بلغة الروم أنسوابهم وسألوهم عن خبرهم فقالوا هذا البطريق المعظم يوقنا صاحب حلب قد هرب من العرب وأقبل لنصرة صاحب هذه القلعة فلما سمعوا بذلك فرحوا وصقعوا بين يدي يوقنا وأرسل المقدم عليهم خيالا وأمره بالسرعة ليبشر اشفكياص بقدوم يوقنا إليه وهروبه من العرب وانه يستأذن عليه فمضى الرجل وأخبر اشفكياص فأطرق إلى الأرض ثم قال لوزيره وحق المسيح والأنجيل ما جاء الا لينصب علينا ويملك هاتين القلعتين منا كما فعل بطرابلس وصور وما أنا بالذي يأمن فما ترى أيها الوزير قال ابن إسحاق ولقد بلغني ان هذا الوزير كان من أهل القراءة وكان أديبا عاقلا لبيبا ممن قرأ الكتب السالفة والأخبار الماضية وقرأ ملاحم دانيال وكان منذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم يسكن في دير مترهبا وهو ما بين السر 3 وحلب فتعبد فيه زمانا طويلا حتى شاع ذكره بين أهل دين النصرانية ثم بعد ذلك أخبر الروم بأنه قد وقع بحافر من حوافر حمار المسيح فكانت الروم ينذرون له النذور والصدقات وشاع خره وسما ذكره
(٩٩)