فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٩٥
هؤلاء اللئام واتبعت دين الاسلام لقد عمل فيك القوم واستوجبت العتب واللوم يا فتى عد إلى الدين الصحيح والقول الرجيح وهو دين المسيح فأي شيء رايت من هؤلاء المساكين حتى تبعت دينهم فلما سمع شطا كلام أبي ثوب أقبل عليه مغضبا وقال له يا لئيم أتأمرني أن أدع الدين المستقيم الذي كان عليه الخليل والكليم وأني لي بذلك وقد رأيت الليلة مالي من الكرامة عند الله وقد طلقت الدنيا ثلاثا فلما سمع أبو ثوب كلامه حمل عليه ومد سنانه اليه فتلقاه بقلب قوي وجنان جري وعزم مضي وحسام سري وتقاتلا نصف نهار فعطش شطا فأراد الله أن يطيب قلبه فكشف عن بصره فرأى القبة التي رآها في المنام والحوراء التي أنشدته الأبيات وفي يدها كأس من شربها لا يفنى ولا يسقم وفيه من الرحيق المختوم وهي تقول يا شطا هذا شراب من شرب منه لا يسقم ولا يفيق والساعة تصل الينا وتقدم علينا قال فلما نظر شطا إلى ذلك وسمع منها ما قالت صاح الله أكبر * (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) * وأخذه الدمع والبكاء خوفا من الله فقال له أبو ثوب مم بكاؤك قال رأيت كذا وكذا فضحك أبو ثوب من كلامه وحمل عليه فتقاتلا قتالا شديدا أعظم من الأول الا أن ابا ثوب سبق شطا بطعنة في صدره فاطلع السنان من ظهره فخر صريعا فلما نظر البامرك إلى ولده مطروحا لم يأخذه صبر دون أن حمل عليه هو وأصحابه قال وأظلمت آفاق تلك الأرض من الغبار وترادف القتار فوقعت الهزيمة على البامرك وأصحابه فالجأهم إلى أبواب دمياط وطمع فيهم عدو الله أبو ثوب وإذ قد أتاهم هلال بن أوس بن صفوان بن ربيعة فوضعوا أيديهم في أبي ثوب وأصحابه وهم ينادون بالتهليل والتكبير وتحامي أصحاب البامرك وحملوا من قبلهم قال وأما أبو ثوب وأصحابه فإنهم أيسوا من أنفسهم قال فهم في ذلك إذ التقى يزيد بن عامر بأبي ثوب فقال له يا عدو الله أما اتعظت بآيات الله أما ظهر لك الحق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطبق عليه فأخذه أسيرا وصاح الصائح أن أبا ثوب أسر فاستسلم قومه للقضاء فأخذوهم عن آخرهم بعد ما قتل منهم خلق كثير ثم إنهم عزوا البامرك في ولده شطا فقال احتسبته عند الله فقال له يزيد بن عامر ان في الجنة درجات لا ينالها الا الصابرون قال الله تعالى وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون قال ابن إسحاق ودفنوا شطا في ثيابه بعد ما صلوا عليه ودفنوه في موضع قتله قال فلما كان الغد أقبل البامرك إلى يزيد بن عامر وقال رايت الليلة ولدي في النوم وهو في القبة والحور بين يديه فقلت ما
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»